صفحتنا على الفيسبوك

الخميس، 19 ديسمبر 2024

الرئيسية لنمارس ونتعلم التنظيم

لنمارس ونتعلم التنظيم

 


لنمارس ونتعلم التنظيم


ليس المطلوب من المناضل إطلاق ساقيه للريح طولا وعرضا وشرقا وغربا (الحركة كل شيء)؛ ولو كان الأمر كذلك، يكفي حقنه بالمنشطات القوية (DOPAGE). المناضل ليس ذلك الحصان الجامح الخاضع لمزاجه والعفوي في تدخلاته ونشاطاته. ووراءنا سنوات، بل عقود من التضحيات العفوية، لكن النتيجة متواضعة حتى لا نقول "لا شيء"!! إن المطلوب بالدرجة الأولى الفعل أو الحركة المحسوبان وفق برنامج نضالي مضبوط يتيح التقييم والمحاسبة ومدى التقدم في إنجاز المهام النضالية المسطرة بعناية وتحقيق الأهداف المرسومة بدقة. ولا يمكن ذلك إلا في إطار التنظيم القائم على المركزية الديمقراطية الخلاقة والمبدعة؛ وبدون شك، فالانضباط النضالي لا يعني الرضوخ والانبطاح وقبول الأمر الواقع كما يمليه "الزعيم" أو "شرذمة" بيروقراطية متمكنة من "فن" الإغواء وتنويم الطاقات التي لا تستطيع بلورة فكرة أو إنتاج موقف. 

إن التفاعل المسؤول المحكوم بالهم النضالي يساهم في تطوير التنظيم ويفسح المجال أمام الطاقات المناضلة للتعبير عن رأيها ولتطوير مؤهلاتها النظرية ولتساهم بدورها وعن جدارة في توسيع دائرة الفعل الثوري (لا ممارسة ثورية بدون نظرية ثورية).

ومعلوم أن الابتعاد عن الواقع وما يتخلله من تناقضات وعدم الانخراط في الصراع الطبقي وما يعرفه من نجاحات وإخفاقات يقوي فرص السقوط في السلوكات الليبرالية البورجوازية والصراعات الذاتية والبحث عن الحلول الفردية وتقويض المجهودات النضالية. وكثيرا ما خلق ذلك اصطدامات دموية مجانية. بالفعل، قد يصل الأمر الى إعمال العنف الثوري في المنعطفات السياسية الحاسمة خدمة لقضية عادلة. لكن تصفية الحسابات السياسوية والانتصار "للقبيلة" يسيئان الى الفعل النضالي ويكرسان التردي والتشرذم وإخفاء الضعف والعجز، رغم شعارات التقدمية والديمقراطية وحقوق الإنسان والوحدة  التضامن...إلخ. وهذا الانزلاق التصفوي يغذي مخططات النظام الرجعي القائم ويقدم خدمات مجانية للقوى السياسية المتخاذلة والتحريفية والقيادات النقابية والجمعوية البيروقراطية.

ومطلوب من المناضلين الثوريين عدم الانسياق وراء ذلك، لما يشكله من استنزاف للطاقة وإساءة للذات المناضلة وابتعاد عن المهام النضالية الحقيقية...

وبالمقابل، مطلوب من المناضلين الثوريين الالتحام بالميدان، وخاصة ميدان الطبقة العاملة ليتعلموا منها التضحية والصمود ولينشغلوا بالبحث عن الآليات النضالية الجديدة والمتجددة لاستيعاب مستجدات المرحلة علميا وتقنيا وسياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافياا...

لقد صرنا أمام تحديات مهولة بالنظر لتسارع الأحداث وتحكم الامبريالية والصهيونية والرجعية في رقاب الشعوب وثرواتها. وما يحصل في فلسطين ولبنان وسوريا يجعلنا نشمر على سواعد الجد لخلق التراكمات النضالية الكافية لصنع متاريس المواجهة بإعمال التحليل الملموس للواقع الملموس. وحتى خوض تجارب التحالفات يفرض وجود تنظيم سياسي قوي باستطاعته فرض شروطه بما ينتصر للقضية. وقوة التنظيم الحقيقية لا تكمن فقط في حسن إدارته للعلاقات الديمقراطية الداخلية، بل أيضا في مدى انغراسه، تنظيما وتأطيرا، في صفوف أوسع الجماهير الشعبية المضطهدة، وفي مقدمتها الطبقة العاملة. علما أن هذه المهمة الأخيرة لا تتأتى دون التدببر السليم للتنظيم (ضبط الاجتماعات وإنجاز المهام في آجالها والتواصل المنظم والمنتظم...) وتغذية هياكله وبنيانه. وكلما توزعت المهام النضالية حسب المجالات والقطاعات وعلى قاعدة الفعالية والاستحقاق النضاليين كلما كان الأداء ناجحا وموفقا. فما أخطر تسرب العلاقات الانتهازية في صفوف التنظيم وتكريس أمراض المجاملة والولاء وتقديس "الزعامات" الورقية والريع أيضا (من يدفع أكثر وبسخاء). وثقة المناضل في رفيقه لا يجب أن تغمض عينيه أو أن تغيب سهره على المواكبة والتتبع وكذلك النقد والنقد الذاتي والمحاسبة، لأن من شأن ذلك أن يقوي الرفيق ورفيقه، ويقوي التنظيم في آخر المطاف...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

C.A.RA.M. يتم التشغيل بواسطة Blogger.