دم الشهيد أيت الجيد سيغرق القوى الظلامية وعرابيها والمتواطئين معها...
إن القوى الظلامية عُملة إجرامية واحدة رغم تعدُّد أوجهها. وتبقى جماعة العدل والإحسان وحزب العدالة والتنمية أخطر أوجه القوى الظلامية ببلادنا، من حيث خدمتها للنظام القائم وأيضا قيامها بالأدوار القذرة امتثالا لتعليمات النظام السرية والعلنية؛ ومنها اغتيال المناضلين؛ ونذكر من بينهم الشهداء عمر بنجلون (1975) والمعطي بوملي (1991) ومحمد أيت الجيد بنعيسى (1993) الذين سقطوا على أيديها الملطخة بالدم...
وقد عشنا من خلال المتابعة السياسية للدينامية النضالية التي تلت الانتفاضة الشعبية ليوم 20 فبراير 2011، حلقات التواصل والتنسيق فيما بين حزب العدالة والتنمية وجماعة العدل والإحسان، وكانت نتيجة ذلك انسحاب الجماعة من الشارع وتبرمها من أي التزام سابق الى جانب "حلفائها" داخل مجلس الدعم وخارجه، تمهيدا لهدية النظام، أي رئاسة الحكومة، في ظل توجُّه مُرحِّب بالقوى الظلامية، أو ما يسمى للتمويه ب"بالإسلام السياسي"، تحت رعاية الامبريالية حينذاك (النهضة بتونس والإخوان المسلمين بمصر والعدالة والتنمية بالمغرب...)...
واليوم، في أجواء الذكرى 32 لاغتيال الشهيد محمد أيت الجيد بنعيسى، نحترق ألماً وحسرة؛ لأننا لم نرُد الاعتبار بعد للشهيد ولكافة شهداء شعبنا. وألمُنا وحسرتنا يكبران عندما نعترف بعجزنا عن التصدي القوي لإجرام النظام القائم ومخططاته الطبقية المملاة من طرف الإمبريالية، وعن مناهضة فعلية للتطبيع مع الكيان الصهيوني...
فحتى وقت قريب، كان المناضلون الثوريون، منظَّمون أو غير منظمين، يؤدون مهامهم النضالية وفق شروطهم الذاتية وحسب درجة الحدة بالنسبة لواقع الصراع الطبقي. وكانوا أشدّ حرصا على إدانة النظام القائم اللاوطني اللاديمقراطي اللاشعبي والقوى الرجعية، وضمنها القوى الظلامية والشوفينية.
والآن، وفي الوقت الذي يجب أن نرفع من إيقاع ووتيرة فعلنا النضالي في صفوف الجماهير الشعبية المضطهدة وفي مقدمتها الطبقة العاملة، وأن نساهم في تنظيمها وتأطيرها؛ هناك من يتيه في تحالفات وتنسيقات بدون ضفاف، لدرجة إشراك القوى الظلامية المتورطة في اغتيال رفاقنا في مشاريع احتفالية، كالجبهات والتنسيقيات والائتلافات...
فأيننا من شعار: "من يكرم الشهيد يتبع خطاه"؟!! والخطير أن هناك من يعانق عداه!!
إن القوى الظلامية قوى رجعية تلتقي مصالحها ومصالح النظام القائم، لذا فهي خط أحمر. ومن يصافحها، فإنه يصافح النظام القائم، لأنه يوفر لها فرصة الانتعاش والتوسع والتضليل وتدمير تضحيات شعبنا ومناضليه...
ومن يسكت عن التحالف أو التنسيق مع القوى الظلامية أو يستسيغه أو يساهم فيه من أي موقع، فهو ضالع في المؤامرة...
فعندما نتبنى قضية الشهيد أيت الجيد الذي اغتاله النظام بأيادي القوى الظلامية، فهل ننسى هذه الجريمة البشعة للنظام والقوى الظلامية؟
طبعا، لا...
لكن، هل نقبل التحالف أو التنسيق مع من ينسق أو يتحالف مع القوى الظلامية؟!!
إن الإجابة الصريحة والمسؤولة عن هذا السؤال يكشف من نحن؟ ويبرز هل نحن حقا في صف الشهيد أم في صف عداه؟!!
إن من بين أعطابنا القاتلة عدم انسجام مواقفنا وممارستنا، وإنها انتهازية مقيتة، خاصة عندما نقبل بأنصاف الحلول...
لقد عشنا تمرينا أو تربُّصا باللغة الرياضية مع مناورة/مؤامرة "الإنصاف والمصالحة"، وكان فشلنا ذريعا. وحتى الآن، نؤدي الثمن غاليا؛ فلا إنصاف ولا حقيقة ولا جبر للضرر، سواء الفردي أو الجماعي، باستثناء در الرماد في العيون من خلال بعض التسويات وبخلفيات سياسية محسوبة...
ماذا عن الحقيقة؟ وماذا عن المتورطين في "الانتهاكات الجسيمة"، أي جرائم القمع السياسي؟
إن التعويضات الهزيلة المحكومة بالزبونية السياسية مرفوضة، ولا تعني المصالحة إلا بالنسبة لمن اختار التنكر للشهداء وتضحيات المعتقلين السياسيين...!!
لقد سكت حزبا "الاستقلال" و"الشورى والاستقلال" عن الجرائم الدموية في صفوفهما، وخاصة جرائم حزب "الاستقلال" في حق حزب "الشورى والاستقلال" بحكم موقعه في السلطة حينذاك...!!
وسكت حزب "الاستقلال" عن جريمة اغتيال عضوه عبد العزيز بن ادريس من طرف حزب "الاتحاد الوطني للقوات الشعبية"، وسكت هذا الأخير عن اغتيال النظام لعضوه المهدي بنبركة. وسكت حزب "الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية" عن اغتيال عضويه عمر بنجلون ومحمد كرينة...!!
وقبل ذلك، سكتوا جميعا عن تصفية المقاومة المسلحة وجيش التحرير وعن اغتيال مجموعة من المناضلين، ومن بينهم عمر دهكون والمجموعة...!!
وسكتوا أيضا عن شهداء الانتفاضات الشعبية، ومنذ الخمسينات بالريف...!!
إن جل رفاق الشهيد أيت الجيد ينتمون اليوم الى فيدرالية اليسار الديمقراطي، وبالتالي فمسؤولية هذه الأخيرة قائمة في المطالبة وبإلحاح مستمر بكشف حقيقة اغتياله، خاصة أن المتورط في الجريمة معروف وبالحجة والدليل ويحتل مساحات شاسعة بالفضاء العام. والسكوت عن تواطؤ النظام وتستُّره عن المجرم و"إخوانه" لا يشرِّف "رفاق" الشهيد في صفوف الفيدرالية...!! والإشارة الى الفيدرالية، لأنها شاركت سابقا في اللعبة "الديمقراطية" بدون شروط، وكذلك مكوناتها السابقة...!!
ولابد أن نشير أيضا الى الحزب الاشتراكي الموحد، لأن رفاق الشهيد أيت الجيد كانوا أعضاءً بهذا الحزب الذي بدوره انخرط في اللعبة بدون شروط...
والجمعية المغربية لحقوق الإنسان بدورها معنية مباشرة بقضية الشهيد أيت الجيد، فالشهيد كان عضوا بها ونشيطا في صفوفها؛ بالإضافة الى شعاراتها، وخاصة شعاري كشف الحقيقة وعدم الإفلات من العقاب...
حقا، ليس سهلا الجهر بالحقيقة، داخل هذا الحزب أو ذاك، أو داخل هذه الجمعية أو تلك، او حتى خارجهما. لكن، عندما نتمثل بصدق ومبدئية لحظة استشهاد رفيق ومعاناة عائلته ورفاقه، وأكثر من ذلك تضحيته من أجل مشروع سياسي لخدمة قضية شعب، كيف نسكت عن الحقيقة أو نساهم بشكل من الأشكال في طمسها؟!!
وعموما، من يسكت عن الحقيقة لأي سبب من الأسباب ليس مناضلا، ولا ثقة فيه؛ فقد يبيعك في أول منعطف وبثمن بخس...
ومن منطلق مبدئي، الشهيد أيت الجيد في عيوننا وكافة شهداء شعبنا، ولو اختلفنا مع تصورات بعضهم السياسية والإيديولوجية ومقارباتهم للتغيير المنشود...
طبعا، لشهداء اليسار الحقيقي وليس المزيف رفاق يحملون رايتهم ويواصلون دربهم ويتبعون خطاهم، من زروال الى مزياني...
لنكُن مخلصين لشهدائنا، كلمةً وممارسةً. وحذاري من تكرار "خطايا" الماضي، فمن لم يقرأ الماضي أو من لم يستفد منه سيخذل الشهداء ولو ادعى العكس...!!
المجد والخلود للشهيد أيت الجيد ولكافة شهداء شعبنا؛
الحرية لكافة المعتقلين السياسيين؛
النصر لمعركة عاملات وعمال سيكوم-سيكوميك بمكناس ولكافة معارك بنات وأبناء شعبنا؛
النصر لقضية شعبنا...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق