ذكرى انتفاضة 23 مارس 1965: هل النار تلد الرّماد...؟
تفجّرت الانتفاضة الشعبية المجيدة ليوم 23 مارس 1965 بالدار البيضاء رغم تخاذل القوى السياسية المحسوبة على المعارضة حينذاك، وخاصة حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية وحزب التحرر والاشتراكية، وكذلك المركزية النقابية الاتحاد المغربي للشغل. فلم تنتظر الجماهير الشعبية، ومن بينها بالخصوص التلاميذ والأمهات والآباء، الضوء الأخضر من هذه القوى الانتهازية لتنتفض في وجه إجرام النظام الرجعي القائم المسؤول عن آلامها ومعاناتها، ولم يوقف الرصاص الحي وأساليب القمع الوحشية إرادتها في التعبير الميداني عن سخطها على الأوضاع المتردية بما في ذلك السياسة التعليمية والإجراءات والقرارات الطبقية المجحفة، وعن تطلعها الى الحياة الكريمة. وطبعا، لم يسبق لأي انتفاضة شعبية أن انتظرت الى أن تستيقظ الأحزاب والنقابات والجمعيات؛ وحتى المناضلين يجدون أنفسهم متجاوزين و"غرباء" أمام زخم هذه المحطات النضالية القوية في قلب الصراع الطبقي. وإن دلّ هذا عن شيء، فإنه يدُلّ على حضور الشعب دائما وغياب من يدّعي خدمة الشعب أو على الأقل تخلّفه. إنه درس لكافة المناضلين الثوريين، وهو درس يتكرر مع كل انتفاضة شعبية؛ فمن جهة ندرك أن الأفق الرحب لأي انتفاضة شعبية يستوجب بالضرورة جهة مناضلة مُنظِّمة ومؤطِّرة، ومن جهة أخرى تبرُز مسؤولية المناضلين الثوريين في التعجيل ببناء الأداة الثورية كمهمّة ذات الأولوية من أجل قيادة نضالات الجماهير الشعبية المضطهدة وفي مقدمتها الطبقة العاملة، سواء كانت انتفاضات شعبية أو إضرابات عامة أو اعتصامات أو إضرابات أو مسيرات أو وقفات...
وفي ظل وضعنا الذاتي الراهن، هل يصحّ في حقنا منطوق المثل السائر "النار تلد الرماد"؟
حقيقة، تخلّفْنا كثيرا عن مواصلة درب الشهداء وصيانة تضحيات شعبنا وتخصيبها. إن لذلك أسباب متعددة، ذاتية وموضوعية؛ فبقدر ما نتوفر الآن على إمكانيات هائلة للتواصل والتعبئة وفضح إجرام النظام وزبانيته ولولوج دوائر المعلومة وتقاسمها، هناك خنق للحريات العامة وضبط حديدي للساحة السياسية والنقابية والجمعوية بمساهمة القوى السياسية المتخاذلة والقيادات النقابية والجمعوية البيروقراطية وغرق مُخْزٍ في هامش الذاتية المفرطة والانتهازية المقيتة والعمالة الطبقية ...
عموماً، نارُ الجماهير الشعبية لا تنطفئ؛ ونحن أيضا نارنا لا تخمد، بالنظر الى التضحيات المقدَّمة من طرف الشهداء والمعتقلين السياسيين والمناضلين القابضين على الجمر، ومنهم جنود الخفاء، نساء ورجالا...
وحتى لا نصير رمادا، لأن النار فعلا إذا لم تُغذّى تلد الرماد، لابد من رفع التحدي في قلب الصراع الطبقي وليس بالمنطقة الرمادية وخوض معركة الحديد والنار، فلا يفلّ الحديد إلّا الحديد...
ونحن نعيش الذكرى 60 لانتفاضة 23 مارس الخالدة:
- نحيّي شهداءها الأبطال وشهداء باقي الانتفاضات الشعبية وكافة شهداء شعبنا؛
- نحيي نضالات الطبقة العاملة وعموم الجماهير الشعبية المضطهدة، ونخُصّ الأن بالذكر المعركتين المتواصلتين لعاملات وعمال سيكوم سيكوميك بمكناس وعمال شركة موبيليس بوجدة، وندعو الى المزيد من دعمهما ميدانيا وإعلاميا حتى انتزاع حقوقهما؛
- نحيي الوحدة والتضامن العماليين، ونعتبرهما عمادين جوهريين ومطلوبين في معركة إسقاط البيروقراطية وخُدّامها الأوفياء؛
- ندين تواطؤ جل القوى السياسية والقيادات النقابية والجمعوية البيروقراطية مع النظام القائم ومساهمتها في تكريس الاستغلال والاضطهاد الطبقيين؛
- نستنكر تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، بل وتفاقمها في ظل استمرار المخططات الطبقية المملاة من طرف الامبريالية؛
- نناشد كافة المناضلين الثوريين حقا، الماركسيين اللينينيين حقا، تكثيف الجهود من أجل إضافةٍ نوعية لنضالات الطبقة العاملة التي لا تهدأ على طول وعرض بلادنا، ومن أجل إطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين بمختلف سجون الذل والعار...
ولا يفوتنا استنكار الجرائم المقترفة في حق شعبنا الفلسطيني وفضح الأوهام التي تسوق الحلول الانهزامية والاستسلامية، وإدانتنا للتطبيع مع الكيان الصهيوني، وبالتالي تسجيل تضامننا الدائم مع المقاومة الشعبية الفلسطينية القائم على مضمون كلمة الحكيم حبش التي حددت المعنى الصحيح والعميق للتضامن، أي أكبر خدمة للشعب الفلسطيني وللقضية الفلسطينية هي إسقاط أنظمتنا الرجعية. ومن يتواطأ مع النظام القائم ويسكت عن فضائحه، ف"تضامنه" ليس سوى شكلا بشعا من بين أشكال أخرى للتضليل والتمويه واستعراض العضلات...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق