الدرس رقم 02 من معركة عاملات وعمال سيكوم بمكناس...
معركة عاملات وعمال سيكوم بمكناس مستمرة بعنفوان نضالي قلّ مثيله. وليس سرّاً أن يكون اقتناعهم بعدالة ومشروعية قضيتهم وراء صمودهم البطولي رغم إجرام النظام القائم والباطرونا وتواطؤ القيادة البيروقراطية للكنفدرالية الديمقراطية للشغل وكذلك الأحزاب السياسية المتخاذلة.
تابعنا كل أشكال الدعم والتضامن مع هذه المعركة العمالية التي كسرت أوهام الانتهازيين ورهانهم على فشلها. ولا يسعنا إلا أن نشيد بالاقتناع بعدالتها ومشروعيتها وبالدعم والتضامن النضاليين الصادقين معها. ونحيي عاليا جنود الخفاء، مناضلات ومناضلين، الذين لم يدّخروا جهدا في مناصرتها واحتضانها. وكم ننحني تقديرا نضاليا لمجهودات العاملات والعمال وهم يرحلون لإسماع صوتهم من مسيرة وطنية الى أخرى بمدينة الرباط وغيرها، ومن شكل نضالي الى آخر، قريبا كان أو بعيدا. ونحيي بكل إجلال عمال النقل الحضري بوجدة (موبيليس ديف) على دعمهم وتضامنهم مع عاملات وعمال سيكوم بمكناس، تعبيرا عن وعيهم واقتناعهم بأن العدو الطبقي واحد...
وكما سبق أن تناولنا ولو باقتضاب درس المعركة رقم 01، نحاول الآن الوقوف عند ما نراه الدرس رقم 02. ونعي جيدا أننا في حاجة كبيرة الى مساهمات أخرى أكثر عمقا ودقة، خدمة لمعركة صارت بفعل تضحيات العاملات والعمال معركة المجتمع ككل. لأن استمرارها في ظل شروط مأساوية يفضح كل شعارات النظام القائم، من أكذوبة حقوق الإنسان وربط المسؤولية بالمحاسبة ووهم الدولة الاجتماعية الى النماذج التنموية الفاشلة؛ في الوقت الذي تتوفر فيه بلادنا على كل الخيرات والموارد الطبيعية، أرضا وبحرا...
إن الدرس رقم 02 من معركة عاملات وعمال سيكوم بمكناس، في اعتقادنا ومن خلال متابعتنا لها، يتمثل في أهمية انخراط قطاعات عمالية أخرى في دعمها والتضامن معها. لأن النظام لا يتوانى في تمزيق الصفوف (فرِّق تسُد)، وعزل وإضعاف أي جهة مناوئة له بواسطة التفجير من الداخل وتسريب اليأس والإحباط الى مكوناتها، دون إغفال محاولات شراء وتحييد الأطر الدينامية والقيادية المؤثرة، كما هو الحال في دواليب النقابات أو ما يسمى ب"لجن الدعم". وأخطر من ذلك، اعتماد النظام على قاعدته الطبقية المتمثلة أساسا في البورجوازية الكبيرة (طبقتي الكمبرادور والملاكين العقاريين) وخدمة مصالحها الطبقية وكل ما يوحِّدها بارتباط مع مصالح الامبريالية والصهيونية. لسنا مثاليين أو عاطفيين، إننا نرفض الشفقة أو الصدقة أو القفز على الواقع، وندعو الجميع، ونقصد المناضلات والمناضلين حقا، في صفوف النقابات أو خارحها لاستحضار دور العاملات والعمال بقطاعات أخرى في تعزيز صمود رفيقاتهم ورفاقهم والضغط النضالي من أجل فرض حلٍّ مقبول لوضعيتهم الصعبة؛ وهي دعوة خاصة للعاملات والعمال وللمناضلات والمناضلين في صفوف النقابات القطاعية داخل مدينة مكناس وخارجها لطرح قضية عاملات وعمال سيكوم بمكناس على جداول أعمالهم واقتراح أشكال دعمها والتضامن معها. وقد تكون هذه الأشكال النضالية ولو ساعة أو ساعتين توقف عن العمل يوميا أو أياما معينة في الأسبوع...الخ. لسنا في موقع يسمح لنا باقتراح ذلك أو اختيار الصيغة الملائمة، لكننا وبغيرة وخلفية نضاليتين، يهمُّنا القيام بكل ما نعتقد أنه مفيد لمعركتنا، معركة عاملات وعمال سيكوم بمكناس...
إن أشكال الدعم والتضامن من خارج مواقع الإنتاج لن تكون أكثر قوة من الأشكال النضالية في صلب مواقع الإنتاج الحيوية والمؤثرة اقتصاديا. فإضراب عمالي بالموانئ أو بقطاعات النقل وإنتاج الطاقة مثلا، ولو لساعة واحدة (رُبَّ شرارة أحرقت سهلا) له معاني ودلالات كبيرة بالنظر الى أثر الربح والخسارة حسب منطق وحسابات الباطرونا...
لا ننفي الأثر السياسي الإيجابي لأشكال الدعم والتضامن المختلفة، لكن المطلوب أكثر هو استنهاض العمال والعاملات بمختلف المواقع الإنتاجية وبالتالي ترسيخ واجب الدعم والتضامن العماليين وتعميق الوعي الطبقي لديهم، من منطلق معركة واحدة ومصير واحد في ظل واقع طبقي واحد، سواء تعلق الأمر بهذه المعركة أو بمعارك عمالية أخرى...
إن ما نتابعه الآن وبدون تبخيس هو حضور مناضلات ومناضلين الى المعتصم وزيارة بعض التيارات والأحزاب السياسية والجمعيات على رؤوس الأصابع، وهو كذلك بعض التغطيات الإعلامية المحدودة. وبدون شك ليس ذلك كافيا لحمل النظام القائم والباطرونا المحمية على الإذعان والاستجابة لمطالب العاملات والعمال. و"نستغرب" بالمناسبة سهر البعض بحماس على نقل بعض الحالات المرتبطة بالقمع السياسي الى المحافل الدولية، في الوقت الذي يُواجَه بالصمت المخجل والتواطؤ المكشوف ما يزيد عن خمسمئة (500) عامل وعاملة في وضعية تشرُّد ومعاناة شبيهة بوضعية بنات وأبناء شعبنا الفلسطيني بغزة...!!!
إن توسيع التعريف بمعركة عاملات وعمال سيكوم بمكناس خارج المغرب من خلال الإعلام الدولي والتواصل مع النقابات العمالية بالخارج سيكون له بدون شك أثره على مسارها ومستقبلها، وهي مهمة نضالية على عاتق المناضلات والمناضلين بالداخل والخارج.
ومرة أخرى، نجد أنفسنا أمام الحاجة الملحة للتنظيم السياسي الثوري، أي الدرس رقم 01. طبعا، لا نقبل انتظار سقوط التنظيم السياسي الثوري من السماء للقيام بمهامنا النضالية؛ إننا مع أداء الواجب النضالي بالمكان وفي الزمن المناسبين وبدون تأجيل أو تبرير والعمل بالموازاة مع ذلك على إنجاز المهام المطلوبة الأخرى...
وإن عدم الاشتغال على تنزيل هذا الدرس، ودروس أخرى قيِّمة على رأسها الدرس رقم 01 بشأن بناء التنظيم السياسي الثوري مؤشرٌ من جهة على نكوص البورجوازية الصغيرة وتذبذبها، بل وحقارتها؛ ومن جهة أخرى تكريسٌ لأوهام فرسانها الانتهازيين المتخصصين في التنويم وركوب موجات المهادنة أو ما يسمى ب"السلم الاجتماعي" ضدا على الصراع الطبقي...
النصر لمعركة عاملات وعمال سيكوم بمكناس ولكافة معارك بنات وأبناء شعبنا المكافح...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق