التضييق على الجمعية تضييق على مكوناتها...
مع اقتراب مواعيد مؤتمرات الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، تُرفع عصا المنع والتضييق بشأن مكان عقد المؤتمر. وهذه السنة أيضا، يحصل نفس الشيء بالنسبة للمؤتمر الرابع عشر (14) المزمع عقده أيام 23 و24 و25 ماي 2025. وإذا مرّت المؤتمرات السابقة بفرض الأمر الواقع، أي عقد هذه المؤتمرات بالمركب الدولي للطفولة والشباب ببوزنيقة وفق ما كان مطلوبا، ننتظر الآن نتيجة رهان هذه السنة؛ وهو رهانٌ لا يهُمّ الجمعية فقط، بل يعني بالخصوص مكوناتها السياسية. والمقصود حزب النهج الديمقراطي العمالي وفيدرالية اليسار الديمقراطي والحزب الاشتراكي الموحد...
إن توجُّه الجمعية المغربية لحقوق الإنسان هو توجه مكوناتها السياسية، أو بعضها؛ وللدقة هو توجه المكون السياسي المهيمن على قيادتها. هذا الوضع لم يعُد خافيا على أحد، ولا يمكن تجاهله؛ وأي تعاطي مع الجمعية دون استحضاره فهو قفزٌ على الواقع أو تضليل بخلفيات ماكرة. ومن يسعى إلى إخفاء هذه الحقيقة، فإنه يستهدف الرأي العام والمتتبعين. أما النظام القائم فأدرى بكل صغيرة وكبيرة، ولجُنْده ليس فقط آذان، بل أقدام في جُلّ (حتى لا نقول كلّ) الإطارات الجماهيرية وكذلك الأحزاب السياسية.
المهمّ هنا هو أن التضييق على الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تضييقٌ على مكوناتها السياسية (إيّاك أعني يا جارة). علما أن الجمعية في وضعية قانونية (أي شرعية) وكذلك مكوناتها السياسية.
أما الأهم، فيتعلق بهذه المكونات السياسية، أي ما هو ردّها عن هذا التضييق والخنق المستمرين وعلى عدة مستويات، من بينها عدم تسليم وصولات الإيداع القانونية للفروع والحرمان من الدعم العمومي والإقصاء من الفضاءات العامة، بالإضافة الى الاعتقالات والمحاكمات الصورية. ونُذكِّر بالمناسبة أن العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان تعاني بدورها من الحرمان من وصل الإيداع...
إن المطلوب هو خوض معارك نضالية متواصلة من أجل الانتزاع الفعلي للحق في عقد المؤتمر وفي وصل الإيداع والدعم والفضاء العام، مادامت الجمعية في وضعية قانونية وكذلك مكوناتها السياسية.
وكما أن التضييق يعني هذه المكونات، فكذلك الرد على المنع والتضييق؛ أي القيام بالواجب النضالي. وليس الواجب هو الدعم والتنديد بالتصريحات والبيانات فقط، بل الانخراط العملي في المعركة، لأنها معركة واحدة. وطبعا، دون أن تنوب هذه المكونات عن الجمعية وعن قواعدها المناضلة، خاصة بالفروع المحلية المناضلة والمواكبة لنضالات الجماهير الشعبية المضطهدة.
إن الخطير هو اللجوء الى أسلوب التفاوض بالكواليس وتقديم التنازلات في الظلام من طرف المكونات السياسية وامتداداتها في صفوف الجمعية، وهو أسلوب أضعف القوى السياسية "اليسارية" الانتهازية والإطارات الجماهيرية من جمعيات وحتى النقابات ونتجت عنه العديد من الكوارث، ومن بينها الذّبح المُمنهج للديمقراطية الداخلية، لأن التنازلات لا تنتهي وتؤسِّس للمهادنة، بل والمتاجرة بالقضايا العادلة. نريدها معركةً نضالية حقيقية، ولنجعل الضّارة نافعة (رُبّ ضارة نافعة).
بدون شك، سينعقد المؤتمر الرابع عشر (14) للجمعية، سواء بمركب بوزنيقة أو حتى بالشارع العام. والمُهم ألاّ نورث الذّل والخنوع لقواعد الجمعية وبنات وأبناء شعبنا عموما.
من جانبنا، لا ندعو الى التضامن والدعم فقط، بل الى الانخراط من منطلق نضالي مبدئي في معركة انتزاع الحق في عقد المؤتمر بالمكان وفي الزمن المحددين.
إن الدفاع عن حق الجمعية في عقد المؤتمر وعن حق العصبة في الحصول على وصل الإيداع دفاعٌ عن الحق عموما وفضحٌ لخنق النظام القائم للحريات العامة وللإجرام الذي لا ينتهي...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق