مرّ فاتح ماي وعادت "الجيوش" الى "مرابضها" مستسلمة...
نعم، مرّ فاتح ماي 2025 كباقي السنوات؛ حيث منصّات الخطابة والحماسة الكاذبتين ومسيرات الشوارع الفارغة بمختلف المدن المغربية. أما معاناة الشغيلة وأوسع الجماهير الشعبية، فمُستمرّة كما دائما. لقد تبخّرت الوعود والمجاملات وتفسّخت المساحيق...
النضالات هنا وهناك والتضحيات لا تتوقف والمعارك النضالية مفتوحة (مكناس وفكيك ووجدة وبنجرير وقرية بامحمد وتاونات...)...
ومن بين الأسئلة التي تطرح نفسها باستمرار:
لماذا تتكرر هذه "المسرحيات" الكاريكاتورية ومشاهدها البئيسة، مادام الجميع يعي حقيقتها ويدرك خلفيتها وأهدافها؟!
الجواب بسيط، لكن ماذا بعد؟
أولا، الجواب:
إن أبطال هذه المسرحيات متواطئون مع النظام القائم والقوى السياسية المتخاذلة والباطرونا والقيادات النقابية البيروقراطية. إنهم يخدمون المصالح الطبقية لأسيادهم، طمعا في الأظرفة المنتفخة وحتي في الفتات. وتراهم يبدعون في أشكال وأساليب التجييش والتعبئة الماكرة، تماما كما يحصل إبان طقوس اللعبة "الديمقراطية".
فأغلب العناصر المجندة، من لجن تنظيمية ولجن الشعارات ولجن اللوجستيك ولجن "اليقظة" (أي الجواسيس)، مرتزقة مُدرَّبة وموالية للبيروقراطية، ولا يهمّها في شيء مصالح العمال أو الفلاحين الفقراء أو باقي الشغيلة...
ومن بين ما يساهم في نجاح مهام هذه المرتزقة وبمواصفات أسيادها هو اقتناع جزء من الشغيلة بضرورة تخليد مناسبة أممية للعمال رغم كل الظروف، خاصة وإصرارها على فضح الشروط المأساوية التي تعيشها وكذلك تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
وما يساعد هذه المرتزقة أيضا هو غياب جزء كبير من الشغيلة بسبب فقدان الثقة في العمل النقابي والسياسي.
أما العامل الحاسم، فهو غياب الإطار المناضل، السياسي والنقابي، الذي من المفروض أن ينظم العمال والشغيلة وكافة الجماهير الشعبية المضطهدة؛ دون أن ننفي جهود المناضلات والمناضلين وكذلك القواعد النقابية الصامدة. ولولا هذه الجهود لمات فاتح ماي أو صار لحظة "للشْطيح والرْديح"، كما تابعنا عبر أحد الفيديوهات أمام أحد المقرات...
ثانيا، هل جهود المناضلين المتفرقة والمعزولة تكفي للتصدي للنظام القائم وأزلامه ومؤامراته وجرائمه؟!
إنه التحدي الذي ينتصب أمام أعين المناضلين، علما أن القهر والاضطهاد الطبقيين مستمران...
هناك دعوات لا تنتهي من أجل "الوحدة" و"التوحيد"، ولا يمكن لمناضل حقا أن يعرض عن هذه الدعوات لو كانت شروطها متوفرة. فلا أفق نضالي لأي فعل نضالي دون الوحدة والتوحيد. وكل التجارب السياسية الناجحة اعتمدت آليتي الوحدة والتوحيد.
لكن مربط الفرس يكمُن في شروط الوحدة، وخاصة أطراف الوحدة. كثيرون يرفعون شعار الوحدة للتضليل والتمويه والاحتواء. وبالنسبة الينا فإن الوحدة المطلوبة لابد أن تقوم على الانسجام والصدق النضاليين بالمعنى السياسي وليس فقط الأخلاقي، وألا يكون أطرافها متورطين في مستنقع النظام القائم والقوى الرجعية أو في مؤامرات ضد قضية شعبنا وضد الشهداء والمعتقلين السياسيين...
إن شروطنا ليست تعجيزية أو عدمية أو ذاتية، إننا لا نريد تكرار تجارب الماضي الأليم الفاشلة، وخاصة اليوم. إننا نلتزم بشعار "التحليل الملموس للواقع الملموس"، أي روح التحليل العلمي، وكذلك النقد والنقد الذاتي والمحاسبة. إن ضعفنا الآن لن يقودنا لنكون دمىً في أيدي الأطراف السياسية المتخاذلة أو بنزينا في محركات القوى الرجعية وضمنها القوى الظلامية...
إننا نتوجه الى المناضلين حقا من أجل رفع التحدي ومواصلة الجهود والتضحيات، خدمة لقضية شعبنا وحتى لا تتكرّر المسرحيات المبتذلة والطقوس البئيسة...
لنعطي لشعار الوحدة معناه الكفاحي ولننخرط في معارك بنات وأبناء شعبنا، تأطيرا وتنظيما...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق