أين الأحزاب السياسية...؟!! 2
من حين إلى آخر، تُنظَّم الوقفات والمسيرات والقوافل. ودائما، الجهة أو الجهات المنظمة، هي الجمعيات أو النقابات أو التنسيقيات أو الجبهات أو (...). والغائب الأكبر ودائما هي الأحزاب السياسية، وكذلك أوسع الجماهير الشعبية، وبالدرجة الأولى العمال والفلاحين الفقراء. ونقصد تنظيم الأشكال المذكورة من طرف الأحزاب السياسية وليس فقط من وراء الستار، أي من داخل هذه التنسيقية أو هذه الجبهة...
ونعني بدون شك الأحزاب السياسية الحاضرة دائما من داخل التنسيقيات والجبهات...، أي المختبئة في جلابيبها، وهي حصرا فيدرالية اليسار الديمقراطي وحزب النهج الديمقراطي العمالي والحزب الاشتراكي الموحد ومختلف التيارات السياسية اليسارية. أما حزبي الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والتقدم والاشتراكية، فقد تخندقا الى جانب القوى الرجعية العميلة للنظام القائم...
لا يخفى أن الأحزاب الرجعية، بمن في ذلك القوى الظلامية والشوفينية، تؤدي وظيفتها على أحسن وجه، ووفق تعليمات النظام الرجعي القائم والخطط المرسومة لها، لكن المعضلة الأساسية تهم الأحزاب والتيارات المحسوبة على اليسار، على الأقل بالنظر إلى شعاراتها ومواقفها وتضحياتها. فحتى الآن، لم تستطع الأحزاب والتيارات اليسارية تنظيم أشكالها الاحتجاجية أو التضامنية أو الدعائية/الإشعاعية بشكل مباشر، خاصة منها القوى "القانونية"، أي المستفيدة من "الشرعية". وما يطرح العديد من التساؤلات هو اختلاط الحابل بالنابل في الكثير من المناسبات، وخاصة إبان مسيرات التضامن مع الشعب الفلسطيني. فتجد القوى الرجعية المُطبِّعة مع الكيان الصهيوني الى جانب القوى التي تدعي التقدمية ومناهضة التطبيع، حيث تسقط الحدود و"تتوحد" الأجساد، إلا النساء بالنسبة للقوى الظلامية (حزب العدالة والتنمية وجماعة العدل والّإحسان). والضحية هي القضية، سواء قضية شعبنا المغربي أو قضية الشعب الفلسطيني...
باختصار، إننا أمام "كائنات" سياسوية تمارس العمل الجماهيري (النقابي والجمعوي/الحقوقي) باسم الأحزاب السياسية، وكلُّ جهدها يتلخص في تمرير مواقفها وإسماعها من داخل الجمعيات والنقابات وأشكال التنسيق المختلفة، وهو ما يفسح المجال لانتعاش الانتهازيين ومقتفي أثر الريع والفتات. ويلاحظ أن جل المشتغلين بالجمعيات والنقابات ينحدرون/ينتمون الى الأحزاب السياسية، وبدل الاشتغال داخل الأحزاب وفي عمق الصراع الطبقي، يضاعفون جهودهم ويقدمون عطاءً لا يمكن نكرانه داخل الإطارات الجماهيرية (ليس الكُلّ طبعا). وفي كثير من الأحيان، ولهذا السبب بالذات، يترتب عن "الازدحام" السياسي/السياسوي في صفوف الإطارات الجماهيرية الصدامات الهامشية والصراعات المُفْضية الى الإقصاء و"قتل" الديمقراطية الداخلية والرفاقية و"إجهاض" فُرص التحالفات السياسية الممكنة...؛ وتحصل هذه المشاهد "الكفكاوية" (المقصود السريالية)، بل وتتكرّر ببشاعة، خاصة في صفوف المركزيتين النقابيتين الاتحاد المغربي للشغل والكنفدرالية الديمقراطية للشغل والجمعية المغربية لحقوق الإنسان...؛ وتتناسى الأحزاب السياسية أن "أهدافها" هي الوصول الى السلطة وليس الوصول الى قيادة هذه النقابة أو تلك أو هذه الجمعية أو تلك...!! والحزب الذي لا يسعى الى السلطة ليس غير "مُنتحِل صفة"!!
ولأن سقف الإطارات الجماهيرية (نقابات وجمعيات...) ضيِّق وكذلك أفقها، تصير الممارسة السياسية/السياسوية باللُّبوس النقابية أو الجمعوية بدورها محدودة ودون الأثر الذي من شأنه التأثير في موازين القوى والتصدي لمخططات النظام الطبقية وإملاءات المؤسسات المالية الامبريالية، خاصة صندوق النقد الدولي والبنك العالمي. وفي إطار هذه الدوامة "السائرة في طريق التوسع"، تصير الأحزاب السياسية بقوة الواقع جمعيات لا غير، وحبّذا لو كانت بالفعل جمعيات مكافحة وبالقوة النضالية المنشودة...
إضافة:
_ نعيش هجرة متدفقة من الأحزاب نحو الجمعيات والنقابات، وسنعود للأسباب والأعطاب بالتفصيل لاحقا..
_ جل المحسوبين على "المستقلين" مرتبطون بالولاء التام، بل الأعمى لأحزاب وأخرى، ويختبئون وراء يافطة/لأزمة "الاستقلالية". إنه لا حياد في الصراع...!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق