رسالة مفتوحة إلى الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان بشأن الاعتصام المفتوح لعائلة الشهيد ياسين شبلي ببنجرير الذي وصل 43 يوما، يومه 4 يونيو 2025...
بلا شك، تتبعتم جريمة قتل الشاب ياسين شبلي (مواطن كباقي المواطنين) تحت التعذيب بمخافر القوى القمعية بمدينة بنجرير يوم 06 أكتوبر 2022. علما أن الجلادين الأربعة المتورطين في الجريمة الشنيعة لم يُعتقلوا حتى يوم 01 دجنبر 2022، وبعد احتجاجات العائلة في الشوارع وفي إطار الوقفات والمسيرات...
إلا أن المفاجأة بالنسبة للعائلة المكلومة هي الأحكام الشكلية التي صدرت في حق المتورطين في الجريمة، والتي لا تتلاءم وبشاعة التعذيب الذي تعرض له الضحية ياسين.
وقبل ذلك وبعده، "نخوض كعائلة الضحية معركة مريرة تمتد لعامين وثمانية أشهر. عشنا خلالها كل أشكال الألم والانتهاك: من قاعات المحاكم إلى شوارع الاحتجاج، وحتى مكاتب الشرطة... لم ندخلها كضحايا نطالب بالعدالة، ولا كذوي حقوق، بل كمتهمين!" (عن نداءات عائلة ياسين).
وتضيف العائلة بحسرة وألم "وفي اليوم 41 من اعتصامنا (أي 02 يونيو 2025)، نُفاجأ بالكارثة: الإفراج ليلاً عن أحد الجلادين المدانين! الجلاد الذي شارك في تعذيب ياسين حتى الموت، والذي صدر في حقه يوم 17 أبريل 2025 حكم هزيل لا يتجاوز سنتين ونصف بتهمة "الإهمال"... هذا الجلاد اليوم حر طليق، غادر السجن بعد أن قضى فترة أقصر حتى من الحكم المجحف الصادر ضده".
أما مطالبها فتتلخص حسب نداءاتها في" ولأكثر من عامين ونصف، ونحن نطالب فقط بحقنا البديهي في الحصول على نسخ كاملة من أشرطة الفيديو التي توثق تعذيب وقتل ابننا ياسين، لكن الدولة تماطل، ترفض، وتُخفي الأدلة".
وفي ظل هذه المعاناة تتشبث العائلة بمعركتها المتمثلة في الاعتصام المفتوح أمام المحكمة الابتدائية ببنجرير، وتؤكد "لن نصمت. لن نتراجع. اعتصامنا مستمر حتى تحقيق العدالة الكاملة:
العدالة لياسين، والحقيقة كاملة، وفتح الأشرطة، ومحاسبة جميع الجناة.
صوتنا سيبقى عالياً في وجه الظلم.
لن تُدفن الحقيقة، ولن يُقتل ياسين مرتين".
وطيلة محنتها، لم تفارقها الأسئلة التالية: "هل هذا هو الإنصاف؟ هل هذه دولة الحق؟ أم هي دولة الإفلات من العقاب وتكريم الجلادين؟"
إننا من خلال هذه الرسالة المفتوحة نتوخي فضح جريمة قتل ياسين حتى لا "تُدفن الحقيقة" كما عبرت عن ذلك العائلة ببلاغة، والتأكيد على أننا كنا العائلة لن نسكت عن جرائم القتل في حق بنات وأبناء شعبنا من طرف النظام القائم وأجهزته القمعية بالأقبية وبأي مكان.
وبما أنكم معنيون بمجال حقوق الإنسان، ومنه بالخصوص مناهضة التعذيب واحترام الحق المقدس في الحياة، نحملكم مسؤولية عدم مؤازرة عائلة الشهيد ياسين شبلي التي تقاوم ليل نهار وبالشارع العام وتحت الشمس الحارقة والبرد القارس (تناوب الفصول). إن القضية لم تعد فقط قضية عائلة ياسين شبلي، إنها قضية شعب ومعركة رأي عام مناصر لحقوق الإنسان في شموليتها وكونيتها. نعلم أن بعض مكونات الائتلاف، ونقصد الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وخاصة فرع مراكش، قد قامت بعدة مبادرات داعمة للعائلة ولقضية ياسين وعائلة ياسين، لكن هذه الأخيرة تستدعي مبادرات وأخرى ودعم ومؤازرة مستمرين. كما أن البيانات وحدها ومن حين الى آخر غير كافية للمساهمة في انتزاع مطالب العائلة التي تلتقي ومطالب الهيئات الحقوقية المتمثلة في كشف الحقيقة وعدم الإفلات من العقاب وعدم التكرار و(...)...
فكيف والائتلاف مكوَّن من 20 هيئة (نعم، 20 هيئة!! إنها سابقة تستحق التدوين في موسوعة غينس للأرقام القياسية)، ولا أثر حقيقي له بجانب عائلة أحد ضحايا التعذيب والقتل بمخافر القوى القمعية (06 أكتوبر 2022) رغم بوجود أدلة قاطعة تتمثل في تسجيلات الكاميرات التي وثّقت التعذيب رغم تعديلها/تكييفها، وهي التسجيلات التي اطلعت عليها العائلة والمحامون؛ "ولأكثر من عامين ونصف، ونحن نطالب فقط بحقنا البديهي في الحصول على نسخ كاملة من أشرطة الفيديو التي توثق تعذيب وقتل ابننا ياسين، لكن الدولة تماطل، ترفض، وتُخفي الأدلة" (عن النداءات المتكررة للعائلة)؟ !!
هل مكونات الائتلاف تتبنى حقّاً الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية واتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة والبروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب...، أم أنها تُردِّد العناوين فقط وتنتقي المواد والبنود حسب المناسبة إبان "الترافع" أمام الكاميرات وإبان الملتقيات والندوات...؟!!
وهل تتبنى أيضا مقاربة سمو المواثيق الدولية على القوانين المحلية، أم فقط ادعاءً؟!!
إنها تحديّات تضع الجميع في مكانه المناسب، سواء هيئات حقوقية/جمعوية أو سياسية أو نقابية...
وعندما نقصد الائتلاف ومكوناته، لا يفوتنا الإشارة الى أن أحد المكونات غير معني بهذه الرسالة إطلاقا (منتدى الكرامة لحقوق الإنسان)، لأن أحد أبطاله متورط في جريمة اغتيال الشهيد محمد أيت الجيد سنة 1993 ومعني حتى الآن بمطلب عائلة الشهيد، أي عدم الإفلات من العقاب؛ كما أنه يتبنى عكس/نقيض شمولية وكونية حقوق الإنسان، أي الخصوصية. ونضع أكثر من علامة استفهام حول عضويته بالائتلاف ومسوغاتها المبهمة وغير المُبرّرة!! فكيف ننتظر من الجلاد/القاتل أن ينصف الضحية/الشهيد؟!!
وعن أي حقوق الإنسان يتحدث الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان، غير حقوق بعض الفئات فقط، وخاصة الصحافيين والحقوقيين؟!! نعم لحقوق الصحافيين والحقوقيين والجمعيات الحقوقية (الحق في التنظيم والحصول على وصل الإيداع القانوني...) و(...)، لكن ماذا عن كافة المعتقلين السياسيين وبدون تمييز وعن باقي فئات الشعب المقهورة، ومن بينها عائلة الشهيد ياسين شبلي؟!!
وماذا عن حقوق الإنسان الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية (شمولية حقوق الإنسان)؟!!
وهنا، لا نريد تحميل الائتلاف وحده "ما لا طاقة له به" ودون إعفائه من المسؤولية، أي مؤازرته ومتابعته لمعركة عاملات وعمال سيكوم بمكناس ومعركة المعطلين المعتصمين والمضربين عن الطعام بقرية بامحمد، لأن الأمر يهم بالدرجة الأولى القوى السياسية والنقابية...
ونتساءل مرة أخرى، ما هي المكتسبات التي انتزعها الائتلاف منذ تأسيسه لما يزيد عن عقد من الزمن الصاخب؟!!
وماذا عن منجزات كل هيئة من بين هيئاته؟!!
وهل تحترم هيئاته قوانينها الأساسية وأنظمتها الداخلية، وهل تعلن للرأي العام أشكال الدعم، وخاصة المالي والجهات المانحة؟!!
وماذا عن وتيرة اجتماعاته وتقييماته واجتهاداته... ؟!!
لا نريد أن يتخذ الائتلاف رسالتنا ذريعة للتنصل من المسؤولية تجاه قضية ياسين شبلي، فالعائلة لا علاقة لها بالرسالة أو بأصحاب الرسالة. إننا كما سبقت الإشارة نتوخى "دق جدران الخزان" وفضح المسكوت عنه تواطؤا مع النظام القائم وسعيا وراء الريع والفتات أو رُعبا وجنوحا نحو المهادنة أو امتثالا للأوامر والتعليمات، ترهيبا وترغيبا...
إننا لن نسكت...
إضافة (للرأي العام):
الهيئات المشكلة للائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان:
- جمعية هيئات المحامين بالمغرب؛
- العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان؛
- الجمعية المغربية لحقوق الإنسان؛
- المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف؛
- المرصد المغربي للحريات العامة؛
- الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة؛
- منتدى الكرامة لحقوق الإنسان؛
- منظمة حريات الإعلام والتعبير-حاتم؛
- الهيئة المغربية لحقوق الإنسان؛
- المرصد المغربي للسجون؛
- مرصد العدالة بالمغرب؛
- الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب؛
- الجمعية المغربية للدفاع عن استقلال القضاء؛
- المركز المغربي لحقوق الإنسان؛
- الشبكة المغربية لحماية المال العام؛
- جمعية الريف لحقوق الإنسان؛
- نقابة المحامين بالمغرب؛
- المرصد الأمازيغي للحقوق والحريات؛
- الجمعية الطبية لإعادة تأهيل ضحايا العنف وسوء المعاملة؛
- مؤسسة عيون لحقوق الإنسان.
وأخيراً، نردِّد بلسان عائلة ياسين:
"لن تُدفن الحقيقة، ولن يُقتل ياسين مرتان"...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق