وضعُ السلاح ليس هزيمة، بل خيانة...
وضع السلاح عن طواعيّة وطيب خاطر، وبأي شكل من الأشكال كالمفاوضات ومن موقع ضعف، يعتبر خيانة. فأن تضع المقاومة المسلحة الفلسطينية أو اللبنانية سلاحها يعني انتحارها، وهو ما يحصل الآن بتركيا وببشاعة من طرف حزب العمال الكردستاني (PKK)؛ وسبق أن حصل بالنسبة لعدة تجارب، وكانت نفس النتيجة، أي الإذلال ومواصلة الاضطهاد. وكلنا يتذكّر حصيلة ونتيجة خروج المقاومة من بيروت سنة 1982 وما صاحب ذلك من إجرام، خاصة مذابح صبرا وشاتيلا في صفوف الفلسطينيين واللبنانيين التي مرّ عليها ما يقرب من 43 سنة. وهل ننسى مآل المقاومة المسلحة وخاصة جيش التحرير ببلادنا في منتصف الخمسينات من القرن الماضي؟! فبعد وضع السلاح من طرف البعض، تم اضطهاد وملاحقة وتقتيل من بقيّ على العهد، وبدعم فرنسي واسباني مستمر، تُوِّج باقتراف جريمة ما يسمى ب"المكنسة" (ECOUVILLON) سنة 1958 بالجنوب...
وكيف ننسى عنفوان المقاومة والتشبث بالسلاح حتى النهاية، وهو ما يسجله التاريخ بمداد الفخر بالنسبة للبطلين محمد بن عبد الكريم الخطابي بالريف (نُفي سنة 1926 إلى جزيرة لاريونيون) وعمر المختار بليبيا (أُعدم في 16 شتنبر 1931). وصفحات التاريخ مليئة بالبطولات، ومن بينها أيضا تجربة المناضل الأممي تشي جيفارا الذي استشهد حاملا سلاحه...
بدون شك، الشروط التاريخية تختلف من ظرفية إلى أخرى، ومن منطقة إلى أخرى، وحسب الشروط الذاتية والموضوعية؛ إلا أن وضع السلاح يبقى مذلّة (الموت ولا المذلّة) واستسلاما وخيانةً لقضيةٍ ولتضحياتٍ عظيمة سابقة. فقد ننهزم في ظل اختلال موازين القوى لفائدة العدو، لكن لا نستسلم ونرضخ، ولا ننبطح أو نقبل بالأمر الواقع...
إن شعارات "حقن الدماء" أو "الانحناء حتى تمُر العاصفة" أو "الحل السلمي" أو (...) مبرّرات واهية وتُعد مدخلا لتثبيت أقدام الاستعمار أو الاحتلال وفتح الأبواب على مصراعيها أمام النهب والاستغلال. ولم يحصل في التاريخ أن تم إنصافُ شعبٍ سلّم سلاحه للعدو أو ألقى به وراء ظهره.
إن الاستشهاد من أجل قضية عادلة انتصار لها وخدمة جليلة سيذكرها الأجيال، وستكون نبراسا وحافزا لمواصلة المقاومة المسلحة.
ونقول لمن يبرر وضع سلاح المقاومة الفلسطينية واللبنانية إن ذلك قتلٌ مكشوف للقضيتين معا الفلسطينية واللبنانية وطعن في ظهر باقي القضايا العادلة.
انه التمهيد لحسم الصراع لفائدة الإمبريالية والصهيونية والرجعية من خلال الترتيبات الحاصلة بالمنطقة وتوفير شروط التحكم والهيمنة بمنطقة الشرق الأوسط لصالح الكيان الصهيوني والأنظمة الرجعية العميلة ، بعد مسلسل الاغتيالات المفضوح, وما حصل بسوريا، أي إسقاط النظام الذي كان قائما بسوريا وإرساء سلطة العصابات الظلامية المتصهينة، وتورِّط عدة جهات في الجريمة التي استهدفت الشعب السوري وباقي شعوب المنطقة، فمن روسيا إلى إيران وتوابعهما.... والسكوت عن الجرائم التي تُقترف الآن بسوريا والعمل جنبا إلى جنب مع القوى الظلامية لا ينسجم وادعاء خدمة القضية الفلسطينية.
ويبقى الرهان الحقيقي على عاتق الشعبين الفلسطيني واللبناني وكافة الشعوب المضطهدة لرفع التحدي عاجلا أو آجلا ومواصلة معركة تقرير المصير وفرض السيادة والاستقلال والكرامة حقّا. وإن إرادة الشعوب لا تُقهر...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق