أمن الصهاينة أولى من أمن أبناء شعبنا المقهور!!
لم يعُد ثمّة شكّ في إقدام النظام الرجعي القائم، واليوم كما الأمس وكما دائما، على قمع واعتقال شباب ومواطنين ومناضلين وطاقات عبّرت وتعبِّر عن سخطها لما آلت إليه الأوضاع المعيشة من تردي وكل الخدمات الجوهرية التي يحتاج إليها أبناء شعبنا من تعليم وصحة وشغل وسكن؛ هذه الخدمات التي باتت بعيدة المنال عن أيدي أغلب فئات وطبقات شعبنا المسحوقة. فلا كلمات الإدانة تكفي لهذا الهجوم الإجرامي للنظام الرجعي القائم الذي يُرتكب في حق أبناء الشعب، بقدر ما يُطرح السؤال مرة أخرى عن عجزنا عن المساهمة في تأطير وتوجيه الصراع الطبقي في الوقت الذي تتكالب فيه قوى سياسية ذات مصالح ضيقة على التضحيات السخية والمتواصلة للجماهير الشعبية المقهورة وفي مقدمتها الطبقة العاملة.
فكثيرا ما نجد أنفسنا بعيدين عن التفاعل المناسب والآني مع المستجدات التي تعرفها بلادنا. يحصل ذلك وحتى الآن مع الانتفاضات الشعبية، لكنه يستمر أيضا مع مبادرات النظام فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية ومناوراته الى جانب جل القوى السياسية والقيادات النقابية والجمعوية البيروقراطية.
إن النظام الرجعي القائم ينفذ مؤامراته ومناوراته بإتقان خدمة للامبريالية والصهيونية والرجعية من خلال التنزيل الأمين لتوصيات المؤسسات المالية الامبريالية والسهر على أن يسير التطبيع مع الكيان الصهيوني وفق التصور المرسوم له. إنه يخدم الأطماع الاستعمارية وينقذ الاقتصاد الرأسمالي من أزماته المتعددة والمتوالية، ولعل نزع أراضي عدة تعود لملكية مواطنين لمنحها لشركات عالمية وصهيونية كتلك التي تستحوذ على إنتاج الأفوكادو وغيرها هو بمثابة عربون للولاء والعمالة ضدا على مصالح وأمن وسلامة أبناء وبنات شعبنا؛ والأخطر من ذلك هو الدفاع المستميت عن أمن وسلامة مجرمي الكيان الصهيوني واحتضانهم والسهر على سلامة صهاينة العالم وتأمين مشاركتهم في كل المهرجانات والندوات بغية الاستقطاب والترويج للتّصهيُن والتطبيع (منح الجنسية وتسهيل التجمع و الاستثمار...، وما خفي أعظم)!!
إن تآمر النظام الرجعي القائم على بنات وأبناء شعبنا المقهور ليس جديدا، ولكن الجديد في الأمر هو السفور الواضح في هذا التآمر، وتحويله من مجرد تآمر مستور في الخفاء إلى فعل مباشر، والذي يتوخى منه التقليص من نسب العزوف عن "السياسة" وتوسيع سلة العرض الانتخابية وليس النضال طبعا، وكذلك تمشيط الساحة بما يعبَّر عنه ب"إخراج الأفاعي من جحورها"، وطبعا إبراز ضعف وعجز المناضلين الحقيقيين، وخاصة الماركسيين اللينينيين، واتهامهم بالتخلف في صيغة "ديناصورات" الماضي...
وقد نجد أنفسنا مرة أخرى وبشكل كاريكاتوري أمام السيناريوهات التي عشناها بعد انتفاضة 20 فبراير المجيدة سنة 2011. إنه ليس بالضرورة أن نهاجم من خرج إلى الشارع وليس ذلك من عادتنا أو أخلاقنا النضالية، لأنه بدون شك بينهم العديد من المناضلين الصادقين والطاقات الصادقة التي ترفض الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية الراهنة، بل التي اكتوت بنارها. وفي نفس الآن، من حقنا أن نفهم ما يجري، بل أن نعلن موقفنا بكل مسؤولية بعيدا عن البولميك الذي يخدم أعداء شعبنا وحواريهم المكشوفين والمتستِّرين. كما أننا لسنا جبناء حتى ننتظر "مرور العاصفة"، لنرفع عقيرتنا داعمين أو مستنكرين...
إن النضال لا يقتصر على الشباب أو على الشيوخ، أو على المرأة أو على الرجل (واقع واحد ومصير واحد). إن النظر الى الأمر من هذه الزاوية المبتذلة اختزال وتشويش مقصودان. إن النضال يهُمّ الصغير والكبير والمرأة والرجل. ففي تلاقح التجارب النضالية إغناء للرصيد النضالي لشعبنا. فعندما نعود الى الانتفاضات الشعبية، نجد انخراط الشباب والشيوخ والمرأة والرجل، وكذلك حال تجارب الشعوب المضطهدة ومن بينها تجربة شعبنا الفلسطيني...
وإن المُريب حقا أن ترتفع أصواتٌ "شبابية"، أغلبها من "العدم"، وتدّعي الدفاع عن مطالب الشعب، وتختزلها في الصحة والتعليم؛ علما أنها تصرِّح بعظمة لسانها أنها ليست ضد النظام وأنها تلتزم السلمية. إنه نفس خطاب القوى السياسية المتخاذلة بحلة "إليكترونية" شبابية مزركشة...!!
وإذا كان ذلك مُريبا، فالغريب أن تختبئ الأحزاب السياسية والنقابات والجمعيات وراء شبيباتها وتدعو الى الاحتجاج أمام البرلمان. فلماذا لم تدعُ المكاتب السياسية والتنفيذية والمركزية كافة الأعضاء والعضوات الى الاحتجاج يومي 27 و28 شتنبر 2025 بالشارع العام وبكل المدن والمناطق، بما في ذلك فك العزلة عن المعركة المحاصرة لعاملات وعمال سيكوم سيكوميك بمكناس؟!!
هل شباب اليوم غير معني بهذه المعركة البطولية، أم يعتبرها من الماضي؟!! إنها بالنسبة الينا مؤشر صدق أو ادعاء وافتراء...
إنه بمرارة، نفس سيناريو 2011 وبكاريكاتورية...
أما الحديث عن القوى الظلامية، وخاصة جماعة العدل والإحسان، ففي ذلك شجون...!! إن الجماعة تهُمّها "غزة" وفقط "غزة"، وأي غزة!! وحتى بيان شبيبتها الذي "يستنكر" باحتشام القمع الذي استهدف "الخرجات" الأخيرة يدل على أنها غير معنية مباشرة بما يجري...
ورغم ذلك، فلا نقبل أن نتفرج على تقتيل بنات وأبناء شعبنا أو اعتقالهم. إننا نستنكر ذلك وندين إجرام النظام وكافة أشكال القمع والمناورات المفضوحة والمخططات الطبقية المجحفة...
إننا نرفض أن يصير دعم أو المطالبة بحق مشروع أو المشاركة في مظاهرات أو مسيرات للتضامن مع حق الشعوب ضد الاستعمار جريمة تستحق العقاب، في الوقت الذي أصبحت فيه العمالة والخيانة مقدستين، وتقديم الدعم والحماية لمجرمي الصهيونية واجب أخلاقي. إن هذا هو جوهر النظام الرجعي القائم وزبانيته...
إن السياسة مثل الطبيعة، لا تقبل الفراغ، ففي ظل استمرار غياب التنظيم الثوري ستبقى الجماهير الشعبية تتخبط وتقاوم بأساليبها العفوية كل المخططات الطبقية التي تستهدفها. وستبقى مجموعة من الكائنات السياسية تستثمر في كل هذه التضحيات الجسام التي يقدمها شعبنا المقهور. لذلك، فالنضال هو الانغراس الى جانب الجماهير الشعبية المضطهدة، والدفع نحو تنظيمها ورفع وعي الطبقة العاملة بمهامها التاريخية وزيادة ثقتها بنفسها في أفق بناء هذه الأداة الثورية القادرة وحدها على قلب موازين القوى لصالح الجماهير الشعبية، والطبقة العاملة بالدرجة الأولى...
مرت حتى الآن أكثر من 14 سنة عن دينامية 2011، فكم من سنة سننتظر مرة أخرى؟!!
كفى من الضحك على الذقون...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق