
المرأة وانتفاضة يناير 1984
لم تتخلف المرأة المغربية الحرة يوما عن مشاركة الرجل أفراحه وأقراحه، أما أو رفيقة أو أختا أو إبنة أو صديقة. ويهمنا هنا حضور المرأة المناضلة الى جانب الرجل المناضل في قلب الصراع الطبقي وأثناء معارك التحرر والانعتاق من نير القهر والاضطهاد الطبقيين؛ وتبقى الرفيقة الشهيدة سعيدة المنبهي رمز المرأة المغربية المناضلة الى جانب الشهيدتين زبيدة خليفة ونجية أدايا وشهيدات أخريات نتحمل جزء من مسؤولية عدم إنصافهن وعدم التعريف بتضحياتهن الصامتة. وككل الانتفاضات التي عرفتها بلادنا، ومن بينها الانتفاضة الشعبية ليناير 1984، لابد أن تجد المرأة في هذا المشهد أو ذاك، وإن اختلفت درجات المشاركة والفعالية النضاليتين مقارنة بالرجل؛ لكنها رغم ذلك حاضرة وبقوة بمواقع الدعم والمساندة. ولعل أكبر حضور للمرأة هو وقوفها المستميت ضمن عائلات المعتقلين والشهداء، وخاصة الأمهات. وحتى اليوم لا تخلو سجون الذل والعار ببلادنا من المعتقلات السياسيات، ولا تغيب المرأة عن دعم المعتقلين السياسيين.
بالنسبة لانتفاضة يناير 1984، تجلى حضور المرأة أساسا من خلال مشاركتها في الأشكال النضالية التي خاضها الطلبة بالكليات والتلاميذ بالمؤسسات التعليمية (ثانويات وإعداديات)، وحتى خارج الكليات والثانويات والإعداديات بعدة مدن. وقد عرفت السجون اعتقال بعض المناضلات وصدرت في حقهن أحكام وصل بعضها خمس (5) سنوات. ومن حقنا أن نذكر اسم رفيقتنا المناضلة الصامدة حتى الآن زينة أوبيهي، المعتقلة السياسية السابقة، إثر نضالاتها بالمدرسة العليا للأساتذة بالرباط وفي أجواء انتفاضة يناير الشعبية.
ولأن انتفاضة يناير 1984 قد شملت رقعة واسعة ببلادنا، وأمام القمع الدموي للنظام، اكتظت السجون بالمعتقلين السياسيين. وقد تولد عن ذلك بروز حركة العائلات، الأمهات بالخصوص، كقوة داعمة ومنتصرة للمعتقلين السياسيين بمختلف السجون. وقد كانت العائلات أكبر داعم لأبنائها الى جانب بعض المحامين والمناضلات والمناضلين بالمغرب وبالخارج...
ويقود الحديث عن انتفاضة يناير المجيدة الى معتقلي مجموعة مراكش (44 معتقلا سياسيا) وعائلاتهم. لقد قدمت عائلات هذه المجموعة، وخاصة الأمهات، دروسا قيمة في النضال والتضحية. وكانت أمنا الفقيدة السعدية بنرزوق، والدة الشهيد بوبكر الدريدي (5 سنوات) والمعتقل السياسي الطاهر الدريدي (10 سنوات) أحد رموز عائلات هذه المجموعة. ومن باب الاعتراف، لم تتخلف الفقيدة والدة الشهيد مصطفى بلهواري عن دعم المجموعة والعائلات حتى بعد استشهاد ابنها المناضل مصطفى.
إن المرأة المغربية حاضرة الأمس واليوم. لقد ساهمت بأعز ما تملك، بما في ذلك حياتها، إبان المقاومة المسلحة ومعارك جيش التحرير المغربي في تسجيل اسمها بمداد الفخر الى جانب رفيقها المقاوم/المناضل. ومن غير المقبول عدم الإشارة الى مناضلات الظل، خاصة في صفوف العائلات، اللواتي استشهدن تحت التعذيب وفي أعماق سراديب التعذيب، ومن بينهن أخت الفقيد المعتقل السياسي السابق ابراهام السرفاتي ونساء مناضلي حركة 3 مارس 1973...
وندعو بالمناسبة في إطار البحث العلمي، وفي إطار الدينامية النضالية، الى تناول تضحيات المرأة المغربية المناضلة داخل السجون وخارجها، وإبان المقاومة المسلحة والانتفاضات الشعبية وباقي معارك شعبنا؛ وأدوارها ومساهماتها في الحياة السياسية عموما، وخاصة من موقع القوى السياسية الثورية، وفي مقدمتها الحركة الماركسية اللينينية المغربية...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق