صفحتنا على الفيسبوك

الاثنين، 10 فبراير 2025

الرئيسية استمرار معاناة الشعوب الإفريقية إلى حين...

استمرار معاناة الشعوب الإفريقية إلى حين...


 استمرار معاناة الشعوب الإفريقية إلى حين...


بالكونغو الديمقراطية، حيث الشعب الكونغولي تمزقه الصراعات العرقية والدينية والحروب بالوكالة، تستولي حركة 23 مارس (ام 23) المسلحة على مدن في الشرق وتهاجم العاصمة كينشاسا... 

كانت القارة الإفريقية وما تزال إحدى ساحات التنافس بين القوى الإمبريالية في العالم، حيث انعكست حدة هذا التنافس بين هذه القوى  على استقرار الأوضاع السياسية والأمنية بالقارة من جهة، ومن جهة أخرى، عمقت معاناة الشعوب الإفريقية بسبب مشكلات هيكلية عدة، مثل المديونية والصراعات العرقية والدينية والتخلف والفشل في تحقيق التوازن من أجل التحرر والانعتاق الحقيقيين لشعوبها؛ وذلك لطبيعة الأنظمة الرجعية القائمة بها والمتواطئة مع الامبريالية والصهيونية.

وتعتبر جمهورية الكونجو الديمقراطية نموذجا،  

وواحدة من دول القارة الإفريقية التي تجتمع فيها كل هاته الأزمات السالفة الذكر، والتي تتداخل فيها عوامل تجعل منها مثالا صارخا لبلد يعاني من مفارقات بالغة الحدة يؤدي ثمنها غاليا الشعب الكنغولي الممزق.  

تقع جمهورية الكونجو الديمقراطية في قلب إفريقيا، تقترن فيها الثروة الضخمة من حيث توفر الموارد الطبيعية الهائلة بالفقر المدقع والبؤس المتجذر؛ هذا التناقض الذي ترجع جذوره إلى ماضيها الاستعماري في ظل الاستعمار البلجيكي، حيث تم استغلال الموارد الطبيعية الغنية بالبلاد لصالح المستعمر، وتم تهميش وتفقير الشعب الكونغولي الذي ما فتئ إرث الاستغلال والاضطهاد يطارد هذا الشعب المقهور والمنهوبة خيراته؛ خاصة والاحتياطات الفائقة من المعادن الثمينة، بما في ذلك الألماس والنحاس(75٪ من الاحتياط العالمي) و الكوبالت والليثيوم والزنك واليورانيوم...، وغيرها من المعادن النفيسة، زد على ذلك الثروة الغابوية الهائلة، والامكانات الطاقية الكهرومائية، حيث يعد سد إنجا أكبر سد لإنتاج الطاقة الكهرومائية في القارة الإفريقية، والذي يزود المنطقة بأكملها بالطاقة. 

كل هذه الموارد ال الثمينة التي تتميز بها جمهورية الكونجو، تجعل هذه الأخيرة محط أطماع القوى الامبريالية، موظفة في ذلك أنظمة الجوار لدعم حركات مسلحة متمردة لقلب موازين القوى لصالحها من أجل الاستلاء على السلطة واستغلال ونهب خيراتها. وتعتبر المنطقة الشرقية وإقليم كاتانكا الغنيان بالمعادن مسرحا للهجمات المتتالية للحركات المسلحة المدعومة إقليميا من طرف أنظمة الجوار، و أبرز هذه الحركات العميلة حركة 23 مارس والمعروفة اختصارل باسم M23. 

يعود تأسيس هذه الحركة المسلحة الى عام 2012، وتعد واحدة من الجماعات المسلحة التي تعمل في المنطقة وخاصة في إقليم كيفو، حيث نشأت هاته الحركة من تمرد سابق لجماعة مسلحة تسمى "المؤتمر الوطني للدفاع عن الشعب". بعد اتفاق "سلام" في عام 2009 تم دمج مقاتلي هذا التنظيم في الجيش "الوطني" (الرسمي)، لكن سرعان ما عبروا عن سخطهم، نظرا للتهميش الذي طالهم في الجيش وسوء المعاملة، مما أدى إلى تشكيل حركة 23 مارس في 2012، 

وترجع جذورها إلى الصراعات العرقية والسياسية في شرق البلاد والتي تفاقمت بسبب الاقتتال على الموارد الطبيعية مثل الذهب والمعادن النادرة، والمنطقة أيضا تشهد توترات عرقية بين الجماعات المختلفة بما في ذلك التوتسي والهوتو، وتلقى دعما يشمل التدريب العسكري والامدادات بالأسلحة من رواندا... 

هدف الحركة كما تدعي هو حماية التوتسي الذين تعرضوا للتمييز والعنف وتنفيد اتفاق عام 2009 مع الحكومة الكونغولية. من جهة أخرى قامت هذه الحركة منذ تأسيسها بشن هجمات عسكرية واسعة النطاق في كيفو، وعدة مناطق أخرى من البلاد، وكان آخرها وليس أخيرها الاستلاء على مدينة غوما الاستراتيجية والهجوم على مؤسسات عدة في مناطق مختلفة من البلاد كالسفارة الفرنسية في العاصمة كينشاسا. 

بالمقابل، عرفت المنطقة نزوحا كبيرا للسكان حيث يخلف في كل هجوم قتلى وجرحى بمئات الآلاف؛  وبالتالي فإنها ترتكب انتهاكات جسيمة لا تحصى ضد السكان،  

هاته الحركة المسلحة إم 23  والتي تستخدمها أطراف خارجية كرَواندا وأوغندا لأهداف اقتصادية وسياسية، كما كل الحركات المسلحة بافريقيا والتي تؤدي إلى تفاقم النزاعات والحروب الأهلية التي تؤدي بدورها إلى تدمير وتخريب البيئة وتهجير السكان و...، 

إن انتعاش الحركات المسلحة في إفريقيا ولعبها دور الوكالة راجع بالأساس إلى غياب الأحزاب الثورية ذات المرجعية السياسية والإيديولوجية الواضحة والقادرة  على تعبئة الجماهير الشعبية وتقديم حلول جذرية قادرة على قلب موازين القوى لصالح الشعوب الإفريقية. هذا الغياب يؤدي حتما إلى فراغ سياسي ايديولوجي تملؤه هاته الحركات المسلحة بقوة السلاح  خدمة لمصالح أجندات امبريالية وصهيونية ورجعية. 

من زاوية أخرى، نسبة البطالة المرتفعة والفقر والتهميش هي عوامل تدفع الشباب إلى الانضمام إلى هاته الحركات بدون أفق سياسي واضح إلى عالم الارتزاق وصناعة الموت...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

C.A.RA.M. يتم التشغيل بواسطة Blogger.