لا لتكميم الأفواه، نعم لغد أفضل...
تكميم الأفواه، الآذان الصماء، سياسة الإلهاء..، هي من بين أدوات عدة لحصار أبناء شعبنا المقهور. فعندما يكون الخبز والماء حلما، بل طعما ينتزع (بضم الياء) من فمك، ويكون الدواء ترفا بعيد المنال، فأعلم أنهم يريدون نزع إنسانيتك منك، يحاولون جعلك مجرد رقم؛ عندئذ يدرك الإنسان أنه بات عالقا في دوامة جحيم صنعه الطغاة وزاده الصمت لهيبا، وخانه ضمير المثقفين. هكذا إذن يساق أبناء شعبنا إلى محرقة الموت البطيء تحت سيف السياسة الطبقية للنظام الرجعي القائم. إنه السلوك الوحيد الذي يتقنه ضدا على مصالح هذا الشعب المحروم من حقه في العيش الكريم. إنها ليست بمكانيزمات عابرة، بل هي مخططات طبقية مدبرة سلاحها الحصار وتكميم الأفواه ووقودها الصمت، وغايتها التركيع والإذلال والخضوع.
فكيف لوطن تتكدس فيه الأطعمة في مخازن النظام حتى تفسد، بينما هناك شعب يسكن الخيام بالحوز ويقتل ببطئ، لأنه لم يجد كسرة خبز أو قطرة ماء نظيفة، شعب مزقته مخططات النظام الرجعي وزادته مآسي الزلزال المدمر ألما ومعاناة، شعب أرهقه الفساد والمفسدون، وزاد في إرهاقه وخنقه لهيب الأسعار وإلزامية تسديد فواتير الديون والصناديق المسروقة تحت شعارات ملغومة (إلزامية الانخراط في الصندوق الضمان الاجتماعي، الامو، دعم السكن و...)، ليتضح فيما بعد بأنها أساليب للنهب والسرقة واستنزاف جيوب المواطنين. كيف لشعب الخيام (ضحايا الزلزال) الدي ابا النظام القائم الا ان يزيد من ماسيه فبعد استنزاف جيوب ابناء الشعب المقهور،باقتطاعات لملا صنادق سميت زورا لاعادة ايواء ضحايا الزلزال،فنهبت الاموال باسم مكاتب الدراسات والسمسرة التي الت الى شركاتهم،فلا التبرعات وصلت الى الضحايا،ولاالضحايا اعيدت بيوتهم، ليواجهون قساوة الطبيعة بامكانيات معدمة وتستمر المعاناة صمت.
إنه نفاق النظام اللاوطني اللادمقراطي اللاشعبي الذي يتلذذ في إبادة أبناء هذا الوطن، هذه السياسة الطبقية التي ينهجها ليست إلا وجها من أوجه عدة من جرائمه التي لاتعد ولا تحصى، فزيادة على شعب الخيام، هناك آلاف العمال والفلاحين الفقراء والمهمشين يموتون في صمت، آلاف العمال يموتون من جراء الأمراض المهنية المسرطنة ومن بقي منهم يطردون ويشردون من طرف الباطرونا وبتواطؤ مكشوف مع القيادات البيروقراطية للنقابات، وهنا نماذج عدة في هذا السياق:
- مئات عمال المناجم يطردون وتشرد عائلاتهم من ورائهم، لمجرد التفكير حتى في تأسيس مكاتب نقابية، فبالأحرى المطالبة بالحقوق (عمال مناجم الدرع الصفر وكماسة بمراكش، وعمال بووزار بورزازات، واللائحة طويلة...
- عمال النظافة في كل المدن ومنهم عمال ومستخدمي شركة موبيليس ديف الذين فاق اعتصامهم أربعة وثلاثين يوما أمام مقر جماعة وجدة، والذي قابله القمع والتهديد بالاعتقال عوض إيجاد الحل (هذا ما جاء به بلاغ باشا المدينة)؛
- أكثر من 550 عاملة وعامل (التابعين لقطاع النسيج شركة سيكوم ميك) مشردين في شوارع مكناس منذ ما يفوق الأربع سنوات، ومايفوق الثمانية أشهر من الاعتصام المفتوح في الشارع العام، وبدل التفكير في إيجاد حل عادل ومنصف تم تقديم بعضهم للمحاكم بذرائع وهمية، والهدف من ذلك الردع وزرع الخوف والترهيب...
- عمال كوباك للحليب بسلا الذين ذاقوا مرارة الطرد والتشريد؛
- عاملات وعمال القطاعات الفلاحية الذين لايزالون يستغلون في شروط العبودية سواء في الجنوب (أكادير والنواحي) أو في الغرب...
إذن هذا الإجرام الممنهج الممارس في حق العمال والذي تشارك فيه كل القيادات البيرقراطية للنقابات هدفه هو المزيد من "شرعنة" غطرسة رأس المال، والقبول بشروط استغلال للعمال، وبالتالي القبول بالطاعة والخضوع.
- محاكمات صورية بالجملة في صفوف الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، بمجرد رفع مطالب مشروعة وعادلة (مواقع تازة وفاس وأكادير واللائحة مفتوحة)؛
- قمع و محاكمة كل الأصوات التي تساهم في تعرية شعارات النظام الرجعي الزائفة، ومنها صوت حركة المعطلين...
إذن هذا الحصار المضروب على أبناء شعبنا، وهذه الأساليب الإجرامية التي ترتكب في حقه من تكميم الأفواه (طاقات/مناضلين)، والمزيد من العزلة والتفقير (شعب الخيام)، وتعميم الطرد والتشريد للعمال والفلاحين الفقراء، الهدف من كل ذلك هو المزيد من تقديم الطاعة والولاء والتقديس وكسر إرادة الشعب الطامح للتغيير. لكن رغم سوداوية هذه المخططات، فالنضال الميداني والصمود والتضحية والوفاء للشهداء والتضامن هو ما يغذي حماس وإرادة أبناء شعبنا، فلا القمع ولا الاعتقال ولا التشريد يرهبهم أو يلجمهم أو يحد من حركة الجماهير الشعبية. إن تاريخ شعبنا العظيم مليء بالتضحيات من أجل غد أفضل...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق