تركيا: حزب العدالة والتنمية (AKP) وحزب الشعب الجمهوري (CHP) وجهان لعملة رجعية واحدة...
يعدّ الحزبان "العدالة والتنمية" و"الشعب الجمهوري" أهم حزبين بتركيا. وقد استطاع كل منهما أن يلفّ حوله العديد من التشكيلات الحزبية الصغيرة والمتوسطة. فحزب العدالة والتنمية يقود تحالف "الجمهور"، بينما حزب الشعب الجمهوري يقود تحالف "الأمة"؛ وهمُّهما معاً هو الانقضاض بأي طريقة على السلطة السياسية على حساب مصالح الشعب التركي، كما أنهما ركيزتان لاستمرار النظام الرجعي بتركيا العميل للإمبريالية والصهيونية والرجعية. إنهما وجهان لعملة رجعية واحدة. فحزب "الشعب الجمهوري" ورغم مساره الطويل، أي منذ تأسيسه سنة 1923، تاريخ تأسيس الجمهورية التركية (أتاتورك)، لم يُحسب له، خاصة في فترة الحزب الواحد، أن سجّل تقدما كبيرا في المسار الديمقراطي لتركيا؛ وكذلك الشأن بالنسبة لحزب "العدالة والتنمية" الظلامي المؤسَّس سنة 2001، هذا الأخير الذي أحكم قبضته الحديدية على السلطة السياسية منذ 2002 مُكرسا الذبح المتواصل للديمقراطية من خلال الاغتيالات والاعتقالات والإبادة المتواصلة للأكراد بتركيا وخارجها. فرغم تسويق "التقدم" الاقتصادي لتركيا، فالشعب التركي يرزح تحت نير الاستغلال والاضطهاد، وخاصة الطبقة العاملة.
ومناسبة تناول هذا الموضوع هو انفجار الاحتجاجات العارمة بتركيا في 19 و20 مارس 2025 بعد اعتقال عُمدة اسطنبول أكرم إمام أغلو "المعارض" المحسوب سياسيا على حزب "الشعب الجمهوري"، وانخداع الكثيرين للمشاهد واللقطات المزيفة المتداولة بمواقع التواصل الاجتماعي. علما أن العديد من المتظاهرين، ومن بينهم المحسوبين سياسيا على الحزب الشيوعي التركي، لا يدعمون أي حزب من الأحزاب السياسية الرسمية وأي تحالف سياسي من التحالفات السياسية والاستقطابات، إنهم يطالبون بديمقراطية حقيقة وينددون بتردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بالبلاد التي خضب تربتها العديد من الشهداء الشيوعيين، ويتضامنون مع الشعب الفلسطيني ويستنكرون مجازر الكيان الصهيوني بغزة...
إن ركوب الحزبين الكبيرين "العدالة والتنمية" و"الشعب الجمهوري" خيار المواجهة وتصفية الحسابات بعيد كل البعد عن خدمة الشعب التركي أو التنافس على ذلك. إنها "تربصات" أولية وتحضيرات للانتخابات المقبلة (2028)، كما أنها وجهة إلهاءٍ وتوجيهٍ للأنظار بعيدا عن جرائم كل من الكيان الصهيوني بغزة والعصابات الظلامية المتصهينة بسوريا. واعتقال عمدة اسطنبول والتهم الموجهة اليه (الرشوة والفساد...) تُبرز نوايا حزب "العدالة والتنمية" في إقصاء المرشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، المنافس الأول للرئيس رجب طيب أردوغان، الرئيس الحالي عن حزب "العدالة والتنمية" الذي فقد "شعبيته" المخدومة في السنوات الأخيرة، خاصة وأن أردوغان مطالب بتغيير القانون ليتأتى له الترشح لولاية أخرى.
وبدون شك، فأيادي الامبريالية والصهيونية والرجعية حاضرة في طبخ السيناريوهات المدعِّمة للكيان الصهيوني والمناصرة للمشاريع والمخططات الدموية المعتمدة بالمنطقة وخاصة بسوريا الآن. إن نهاية "أسطورة" النموذج التركي "الناجح" وغرق أردوغان في بحر الدم السوري جعل منه ورقة محروقة؛ وفتح المجال لمسرحيات جديدة "تمحي" القبح عن وجه النظام الرجعي القائم بتركيا العميل للصهيونية والرجعية والامبريالية واليد القذرة لحلف الناتو. وقد يكون أردوغان قد استنفذ مهامه وحان موعد رحيله...
وبالنسبة لحزب "الشعب الجمهوري"، فلن يكون إلا "أحسن خلف لأحسن سلف" فيما يتعلق أساسا بتكريس معاناة الشعب التركي وبخدمة مصالح الرجعية والصهيونية والامبريالية بالمنطقة، وخاصة بفلسطين ولبنان وسوريا...
وعموما، فليس كلُّ ما يلمع ذهباً...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق