صفحتنا على الفيسبوك

الاثنين، 3 مارس 2025

 


عندما يُزوِّر النظام القائم الحقائق ويلْوي عُنق التاريخ...!!

ما دلالة "02 مارس"؟

 

من بين عيوبنا القاتلة، نحن جلّ المناضلين المنحدرين من مختلف أدراج البورجوازية الصغيرة، عدم امتلاك ما يكفي من المعطيات الدقيقة عن واقعنا السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي وعن تاريخنا. وتجد بعضنا يغرق في دوامة الغرْف من بحر النظريات والشعارات، ولا نتحدث هنا عن الإمّعات التي تردِّد "القول" عن ظهر قلب. وهذا العيب أكبر معيق أمام تطورنا وتوسع حركتنا وإشعاعنا في وسط أوسع الجماهير الشعبية المضطهدة، وخاصة في صفوف الطبقة العاملة، وبالتالي إحداث التأثير المطلوب في مجرى الصراع الطبقي، رغم صُدقيتنا ومبدئيتنا وجديتنا. إننا نجهل بشكل غير مقبول تفاصيل وصفقات الحياة السياسية ودهاليز عالم المال والأعمال (عالم الاقتصاد)، بما في ذلك آليات نهْب وسرقة خيرات بلادنا، برا وبحرا وجوا؛ وحتى واقعنا الاجتماعي لسنا متجذرين فيه بما يجعلنا أدرى بخباياه وتفاصيله. لا ننفي مواكبتنا للحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية بالقدر الذي نسجل من خلاله حضورنا النضالي. لقد قدمنا تضحيات بطولية وراكمنا تجارب نضالية شامخة مُخضّبة بدماء الشهداء...

وبدوره، سجل شعبنا ملاحم تاريخية، وأهمها الانتفاضات الشعبية والمعارك الخالدة...

إلا أن الكثير من التضحيات والجهود لم يتم تحصينها وتخصيبها كتراكم من أجل تحرُّر شعبنا وانعتاقه من نير الاضطهاد والاستغلال الطبقيين.

إنها دعوة نضالية لتجاوز عيوبنا وسطحيتنا ولننخرط في عمق الواقع والتاريخ بإعمال التحليل العلمي، أي التحليل الملموس للواقع الملموس. فلا تحليل علمي وغياب المعطيات الدقيقة والمُحيّنة...

لنعمل على تفكيك الوضع الاقتصادي والاجتماعي ولنغُص في ثنايا تاريخ شعبنا، على الأقل منذ بداية القرن الماضي، وخاصة مع بروز المقاومة المسلحة وميلاد جيش التحرير، ودون إغفال التجربة المتميزة بالريف بقيادة محمد بن عبد الكريم الخطابي وتجارب بطولية عديدة بالأطلس المتوسط ومناطق أخرى جنوبا. لنستحضر أهمية الورشات أو حلقات الدراسة والتكوين لتصليب عود المناضلين والمثقفين الثوريين المؤهلين الى جانب العمال والفلاحين الفقراء للمساهمة في بناء أركان التنظيم الثوري...

ومناسبة هذا التقديم المتضمِّن لبعض عناصر النقد والنقد الذاتي هي ذكرى 02 مارس 1956. الكثيرون يعرفون أو سبق أن سمعوا بشارع 02 مارس بمدينة الدار البيضاء وببعض المدن المغربية الأخرى، لكن أغلبهم لا يعرف دلالة هذا التاريخ. إنه ببساطة يوم توقيع وثيقة "الاستقلال" الشكلي عن فرنسا. وهو التاريخ الذي كان معتمدا للاحتفال الرسمي بما يسمى "عيد الاستقلال" حتى بداية ستينات القرن الماضي، عندما تم تثبيت 03 مارس "عيد العرش" بالنسبة للحسن الثاني. وتم "الاستنجاد" بيوم 18 نونبر 1955، "عيد عرش" محمد الخامس كيوم "لعيد الاستقلال"؛ وسكتوا عن 07 أبريل 1956، تاريخ "الاستقلال" الشكلي عن اسبانيا!!

لماذا 18 نونبر؟

بعد الترتيبات، خاصة بفرنسا لعودة محمد الخامس الى المغرب، ومنها بالخصوص جلسات قصر "لاسيل سان كلو" وأوفاق مؤامرة "إيكس-لي-بان"، أعلن محمد الخامس بعد عودته يوم 16 نونبر 1955، في خطاب "العرش" يوم 18 نونبر 1955 عن "رفع الحجر والحماية". وبذلك صار يوم 18 نونبر "عيدا للاستقلال" حسب هوى من صنعوا معاناتنا وأسسوا لمآسينا...

إنه تزوير التاريخ أمام أعيننا، فما بالك بما "لم تراه عين ولم تسمع به أذن ولم يتحدث به لسان"!!

أما الطمس والتضليل، فلم يتوقفا يوما وبمباركة ليس فقط أعمدة "الضلال"، بل أيضا دعاة النضال. كما لم يتوقف توظيف أبناء الشعب للضحك على الذقون، من بائع السمك وبائع اللحم الى بائع العرق والدم...

وأخطر ما تعرض له تاريخنا هو جرائم الصمت عن تصفية المقاومة المسلحة وضمنها منظمة الهلال الأسود، وكذلك جيش التحرير المغربي، ومواصلة ملاحقة هذا الأخير حتى عملية/جريمة "إكوفيون" أو عملية المكنسة "التطهيرية" (10-25 فبراير 1958) بدعم فرنسا واسبانيا...

وتبقى مؤامرة "إيكس-لي-بان" وصمة عار على جبين من شاركوا في دواليبها وساهموا في تمرير بنودها وتنزيلها، ليستمر الاستعمار الفرنسي ويتواصل نهب خيراتنا...

 وفيما يلي بعض الأسماء ضمن الوفد المكون من 37 اسم، التي لطخت أيديها بالذل والعار ونالت "حظها" فيما بعد أضعافا مضاعفة:

مبارك البكاي والفاطمي بن سليمان ومحمد المقري إضافة إلى ممثلي الأحزاب: عبد الرحيم بوعبيد ومحمد اليازيدي وعمر بنعبد الجليل والمهدي بن بركة من جانب حزب الاستقلال، وعبد القادر بن جلون وأحمد بن سودة وعبد الهادي بوطالب ومحمد الشرقاوي من طرف حزب الشورى والاستقلال، بالإضافة إلى بعض "الفقهاء والقياد".

وعن مؤامرة " إيكس-لي-بان" سيئة الذكر، نشرت صحيفة "كفاح المغرب العربي" الصادرة من دمشق في 7 يناير 1956 رسالة لمحمد بن عبد الكريم الخطابي بعنوان "بطل الريف يحذر المتخاذلين ويدعو الشعب لمتابعة النضال"؛ ومما جاء فيها:

"... وقد اقتدت جماعة الرباط بجماعة تونس المستسلمة فأبرزت اتفاقية إكس ليبان إلى حيز العمل والتنفيذ، وأخذت تناور وتدلس وتغري الشعب المغربي بالكلام المعسول. وهي سائرة في نفس طريق اتفاقية تونس وستطالب المناضلين بإلقاء السلاح، بعدما طلبت منهم الهدوء بحجة أن المفاوضة لا تكون إلا في الهدوء، والهدوء لا يكون إلا بإلقاء السلاح وتسليمه لهذه الجماعة الرباطية الجالسة على عروشها حين يتفرغ الأعداء للقضاء على الجزائر. فحذار من السقوط في الفخ المنصوب، وإننا على يقين من أن الشعب المغربي سوف يستمر في الكفاح والنضال إلى أن يخرج من بلاد المغرب بل من شمال إفريقيا كلها آخر جندي فرنسي يحمل السلاح من جماعة المستعمرين. أيها الإخوان دعاة الهزيمة موجودون في الأقطار الثلاثة من بلادنا، فلا يجوز بأي حال من الأحوال بأن يسمح لهم أن يثبطوا من عزائمنا أو يوهنوا من عقيدتنا في الكفاح الشريف. فالنصر حليف المناضلين في سبيل الحق..."

بالفعل، النصر حليفنا في سبيل القضية...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

C.A.RA.M. يتم التشغيل بواسطة Blogger.