التحضيرُ لانتخابات 2026 وصمتُ الصامتين، أي التعتيم...
عقد وزير الداخلية، يوم السبت 02 غشت 2025، "اجتماعين متواليين مع قادة كافة الأحزاب السياسية، خُصِّصا لموضوع تحضير الانتخابات التشريعية المتعلقة بانتخاب أعضاء مجلس النواب لسنة 2026" (منقول عن بلاغ يُقال إنه صادر عن وزير الداخلية). لقد تصفحنا العديد من المواقع الإلكترونية، بما في ذلك موقع وزارة الداخلية وكذلك موقع رئاسة الحكومة والعديد من مواقع الأحزاب السياسية، للاطلاع على النص الكامل للبلاغ ولمعرفة قائمة الأحزاب السياسية المشاركة في الاجتماعين، إلا أننا لم نتوفق. ويُشاع أن تسعة (09) أحزاب شاركت في هذا اللقاء؛ وحسب تقصِّينا من خلال المواقع الالكترونية المختلفة (طبعا ليست لنا مصادر حزبية أو رسمية)، فالأحزاب المعنية هي حزب التجمع الوطني للأحرار وحزب الأصالة والمعاصرة وحزب الاستقلال وحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وحزب الحركة الشعبية وحزب التقدم والاشتراكية وحزب العدالة والتنمية والحزب الاشتراكي الموحد وحزب فدرالية اليسار الديمقراطي. ولاحظنا غياب أو تغييب أو عدم تفاعل كُلّ من حزبي الحركة الديمقراطية والاجتماعية (05 مقاعد بمجلس النواب) وحزب جبهة القوى الديمقراطية 03 مقاعد)، علما أن حزبي الاشتراكي الموحد وفدرالية اليسار الديمقراطي (حزب المؤتمر الوطني الاتحادي بالضبط) لم يحصلا إلا على مقعد واحد لكل منهما، حسب الانتخابات التشريعية التي جرت يوم الأربعاء 8 شتنبر 2021...
والمشكل ليس في المواقع الالكترونية، لأنها تمارس التعتيم عن قصد لصناعة الرأي العام وفق الحدود المرسومة لها من طرف وزارية الداخلية، أحد أجهزة النظام القائم الضاربة. إن المشكل الحقيقي يتمثل في الموقف السياسي الانتهازي واللاديمقراطي للقوى السياسية التي سكتت عن تفاصيل الحدث، وخاصة الأحزاب السياسية المحسوبة على اليسار، ونقصد فدرالية اليسار الديمقراطي والحزب الاشتراكي الموحد، وذلك في الوقت الذي يفرض إصدار بلاغات أو بيانات، بل وعقد اجتماعات، تخبر أولا مناضلات ومناضلي الحزبين، وثانيا الرأي العام، بكل صغيرة وكبيرة، لأن الموضوع يهم شعبنا برُمّته في حاضره ومستقبله. ولا يكفي توزيع تصريحات "الأشخاص" هنا وهناك وحسب هواهم، ولو تكُن مسؤولة في هياكل الحزب (المكاتب السياسية) أو ممثِّلة لأحزابها في اللقاءين. فالحدث يستدعي الإخبار والتوضيح والشفافية، سواء بالنسبة للأحزاب التي تشارك في اللعبة "الديمقراطية" المؤطَّرة بدستور ممنوح، حالة فدرالية اليسار الديمقراطي والحزب الاشتراكي الموحد أو الأحزاب التي تقاطعها، حالة حزب النهج الديمقراطي العمالي، مادامت جميعها أحزابا قانونية، أي معترفا بها؛ وسواء شاركت في اللقاءين أم لا. فالممارسة السياسية تقتضي متابعة الحياة السياسية والنقابية والجمعوية من أجل الانخراط فيها، وهو ما تقوم به الأحزاب السياسية المتخاذلة والقيادات النقابية والجمعوية البيروقراطية بغض النظر عن تلوثها، أو النضال من أجل فضح حقيقتها البئيسة وتغييرها الجذري، وهو ما نقوم به من موقعنا النضالي (CARAM) المرتبط بخندق أوسع الجماهير الشعبية وفي مقدمتها الطبقة العاملة، تطلُّعا نضاليا مشروعا ومستحقا الى إنجاز مهام الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية ذات الأفق الاشتراكي...
إن المناضلين معنيون وكذلك الرأي العام وعموم الجماهير الشعبية المضطهدة بما يجري بالساحة السياسية ببلادنا. وإذا ألِفْنا الصمت والتعتيم من طرف النظام القائم والقوى السياسية المتخاذلة والقيادات النقابية والجمعوية المتخاذلة، التي بدورها لا أثر أو تغطية مسؤولة وشاملة للقاءين بمواقعها الالكترونية الرسمية؛ فخلاف ذلك، ماذا عن القوى السياسية الأخرى التي تشارك في اللعبة أو التي تقاطعها...؟!
ومن بين ما يُتداول عبر المواقع الالكترونية، نذكر أن المشاورات مرّت في "مناخ سادته روح المسؤولية والرغبة الجماعية في جعل الموعد الانتخابي المقبل فرصة بارزة لتأكيد متانة النموذج الانتخابي المغربي المتميز" (منقول).
ويُشار أيضا الى أن "المناقشات البناءة التي طبعت أشغال هذين اللقاءين، تم الاتفاق على أن تقوم الأحزاب السياسية بموافاة وزارة الداخلية، داخل أجل أقصاه نهاية شهر غشت الجاري، باقتراحاتها المتعلقة بالإطار المنظم للانتخابات التشريعية لسنة 2026، وذلك حتى يتأتى دراستها والتوافق في شأن التدابير ذات الطابع التشريعي التي يتعين صياغتها وعرضها على المسطرة التشريعية خلال الدورة التشريعية الخريفية المقبلة، في أفق إخراجها إلى حيز الوجود قبل متم السنة الحالية..." (منقول).
وإذا صدرت هذه "الخلاصات" الوردية "المبارِكة" والمتجاهلة للكوارث التي ساهم فيها مجلس النواب والبرلمان بغرفتيه بشأن المخططات الطبقية المدمرة، عن وزارة الداخلية أحد أذرُع النظام القائم المُنفِّذة لتعليماته وأوامره أو عن الأحزاب التي صنعتها، أليس من المُخجِل، خاصة بالنسبة لقواعد حزبي الاشتراكي الموحد وفدرالية اليسار الديمقراطي 'المعارضين"، أن نسمع ما يلي:
- " قال الطاهر موحوش، عضو المكتب السياسي لفيدرالية اليسار الديمقراطي، إن اللقاء الذي جمع وزير الداخلية بالأحزاب السياسية حول التحضير للاستحقاقات التشريعية المقبلة، شكّل خطوة أولى في مسلسل المشاورات، مؤكدا أن اللقاء جرى في أجواء إيجابية، وأن الوزارة وضعت إطارا عاما للتحضير للانتخابات، بناءً على التوجيهات الملكية الواردة في خطاب العرش ليوم 29 يوليوز 2025"؛
- "وقالت الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد(وهي ليست أمينة عامة الآن للأمانة) نبيلة منيب، إن هذا الاجتماع شكل مناسبة للتأكيد على «الظرفية الاستثنائية» التي تعيشها البلاد بسبب جائحة كورونا المستجد والتي يمكن أن تستمر، وعلى عامل إعادة بناء الثقة من أجل إنجاح العملية الانتخابية كمحطة أساسية في تعزيز البناء الديمقراطي".
إن خطورة هذا الصمت وهذه التصريحات المُخجِلة تكمُن في توفير شروط هادئة ومطمئِنّة لتهييئ المقصلات (مُفرد مِقصلة) التي يُراد منها إعدام طموحات شعبنا وفي مقدمته الطبقة العاملة في تحرره وانعتاقه، وتزكيتها وإضفاء المشروعية عليها. وهي مؤامرة تستهدف أي محاولة للتشكيك في مصداقة اللعبة البئيسة. وذلك أخطر من الحديث عن المال العام الذي يُوزّع بسخاء وبدون محاسبة فعلية على الأحزاب السياسية التي تشارك في اللعبة وعن التزوير وعن التقطيع الانتخابي وعن القوانين الانتخابية وعن الجهة المشرفة...
إن القوى الظلامية، وخاصة جماعة العدل والإحسان "الحسناء" التي أثارت إعجاب "اليمين واليسار"، تساهم في التنويم من خلال دموع التماسيح بشأن القضية الفلسطينية، عفوا بشأن غزة، ويعمل النظام القائم وأذرُعه السياسية والنقابية والجمعوية على الإمساك بتلابيب اللعبة "الديمقراطية"، وماذا نحن فاعلون؟
للحقيقة والتاريخ والمسؤولية النضالية بعيدا عن العفوية والعشوائية وردود الفعل المتشنجة، إن مقاطعةَ اللعبة "الديمقراطية" المُضلِّلة، أي الانتخابات التشريعية والجماعية وكذلك اللجن الثنائية، هذه الأخيرة التي تعبِّد الطريق السيّار الى مجلس المستشارين المؤطر بدوره بالدستور الممنوح لسنة 2011 الذي يشهد على جريمة اغتيال انتفاضة شعبية (20 فبراير 2011)، بل حلم شعب؛ مسؤوليةٌ، بل مهمةٌ نضالية مستمرة في خضم الصراع الطبقي ببلادنا، ولا تنتظر لحظة الحملة الانتخابية للتباكي على حِصص التمويل وفُرص الإعلام "العمومي"، وبالتالي توزيع مناشير "المقاطعة" الشكلية والتقاط الصور وانتظار المجهول الى حين...
إنها معركةٌ نضالية، أولا وأخيرا، معركة نضالية مستمرة من خندق الجماهير الشعبية المضطهدة وفي مقدمتها الطبقة العاملة...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق