لماذا عدم الاحتجاج على التردي السياسي والاقتصادي والاجتماعي والتصدي له...؟!
الكل على علم تام بتردي الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية ببلادنا. والكل على علم بمعاناة المعتقلين السياسيين بمختلف السجون وبمحن عائلاتهم. والكل على علم بالمعارك النضالية المحاصرة بالعديد من المناطق...
لكن، لماذا هذا "الكل" صامت (بدون تعميم)؟!
و"الكل" المقصود ليس طبعا النظام وجوقته، لأنهم مصدر الإجرام الذي يبيد أوسع الجماهير الشعبية، إنها الحرب الطبقية المدمرة؛ المقصود بالواضح القوى السياسية والنقابات المحسوبة على المعارضة أو "اليسار". بالنسبة للقوى السياسية، نذكر بالتحديد فدرالية اليسار الديمقراطي والحزب الاشتراكي الموحد وحزب النهج الديمقراطي العمالي. أما النقابات، فليس غير الاتحاد المغربي للشغل والكنفدرالية الديمقراطية للشغل. وإذ نحمل المسؤولية بالدرجة الأولى لهذه القوى السياسية والنقابية، فلأنها منخرطة في اللعبة السياسية وقوانينها، سواء من باب المشاركة في اللعبة الديمقراطية أو مقاطعتها. وكما نردد دائما، فكل المناضلين والتيارات السياسية المناضلة معنية بدورها بالتصدي للتردي السياسي والاقتصادي والاجتماعي وليس التفرج وإسداء النصائح أو التمترس في الهامش القاتل. وكل من يرفع شعارات خدمة قضية الشعب المغربي معني وإن بدرجات متفاوتة بهذه المعركة، معركة تحرر شعبنا وانعتاقه من قبضة النظام القائم اللاوطني اللاديمقراطي اللاشعبي...
وعندما نتحدث عن الأحزاب السياسية الثلاثة فليس رهانا عليها، وأي رهان عليها هو انخراط مباشر في مشاريع النظام لتأبيد الأوضاع القائمة وتكريس الاضطهاد والحيف. لكن وبدون شك، في صفوفها وقواعدها مناضلون ومنهم شباب قادرون على المساهمة في تغيير موازين القوى وإرباك حسابات القيادات واللوبيات السياسية التي تعبث بالضوابط التنظيمية وتغيب الديمقراطية الداخلية وتفرمل أي فعل نضالي قد يجر عليها "غضب" النظام القائم أو يضع حدا لكارزميتها المزيفة. وكذلك ففي صفوف النقابات العديد من المناضلين ذوي التجربة والخبرة النقابيتين الكبيرتين والطاقات المناضلة القادرة على تكسير هيمنة القيادات البيروقراطية الخاضعة لتعليمات وأوامر النظام القائم وفضحها. والأمر يهم هؤلاء المناضلين وتلك الطاقات لتحرير نفسها أولا، والمساهمة ثانيا في خدمة قضية شعبنا. إن التاريخ يسجل كل التضحيات وذاكرة شعبنا تنصف المناضلين الصادقين والمناضلات الصادقات...
وأبسط سؤال يبرز إلى الواجهة هو لماذا تجميد الجبهة الاجتماعية المغربية؟!
لا نتوقع من هذه الجبهة صنع المستقبل المنشود في غياب الحزب الثوري، ولا نريدها رقما إضافيا لتعزيز أسطول القوى السياسية والنقابية والجمعوية المتخاذلة، ولنا تجارب سابقة مماثلة كتنسيقيات مناهضة الغلاء وتدهور الخدمات العمومية. فكلما عمل المناضلون على أن يكون إطار أو فضاء لإطلاق المبادرات النضالية لدعم المعارك المعزولة وفضح المخططات الطبقية المملاة من طرف المؤسسات المالية للامبريالية، يتم تجميدهما وتفجيرهما وعرقلة تطورهما. ومن هنا لابد أن يكون دور المناضلين والقوى المناضلة حاسما وصارما في توجيه أي إطار تنسيقي وفي فضح أي تلكؤ أو تواطؤ في صفوفه...
وما يفضح التواطؤ المقصود والمتورطين فيه هو اشتغال وحضور الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع بحماس وقوة استثنائيين، والتذبذب والغموض اللذين يلفا الموقف من القوى الظلامية ومن التنسيق أو التحالف معها، خاصة بالنسبة لحزب فدرالية اليسار الديمقراطي والحزب الاشتراكي الموحد المترددين!!
أين يذهب ذلك الحماس المثالي وتلك القوة الخارقة عندما يتعلق الأمر بالتصدي للأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية المزرية التي يقف وراءها النظام القائم؟!
فوقفة واحدة مثلا أو مسيرة "مليونية" إلى جانب عاملات وعمال سيكوم سيكوميك بمكناس قد تضع حدا لمأساتهم المستمرة، شريطة أخذ العمال والعاملات زمام أمرهم بيدهم ودون توظيف أو امتطاء لقضيتهم من قبل هذه الجهة أو تلك.
ألن يكون ذلك أكبر خدمة للقضية الفلسطينية كقضية وطنية؟!
أليست لنا عيون نرى بها؟!
أليست لنا عقول نفكر ونحلل بها؟!
أليست لنا تجارب نسترشد بها؟!
أين تضحيات بنات وأبناء شعبنا، الشهداء والمعتقلين السياسيين...؟!
الكل يعرف أين يكمن الحل وكذلك العقد، كما أن الكل يعرف طريق الثورة، لكنه يصوب بعيدا وبالرصاص الأبيض، ويتيه في الهوامش والشكليات البئيسة ويخوض الحروب الخاسرة...
لنتجاوز سلبية هذا "الكل" الذي يسكت عن الحقيقة، ولنساهم في صنع المستقبل السعيد لشعبنا المكافح بكل التضحيات المطلوبة...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق