الدخول الاجتماعي... الدخول المدرسي...
حديثُ القوى السياسية والنقابية عن الدخول الاجتماعي اعتراف مُقْرف بتخليها عن أدوارها المفترضة في التأطير ومواكبة معارك الشغيلة وعموم الجماهير الشعبية.
إن الصراع الطبقي لا يعرف العطلة ولا ينتظر هذه القوى المتواطئة حتى تعود من عطلتها أو أن تستفيق من سباتها. فهل إجرام النظام القائم بمختلف أشكاله والمنسجم وتوصيات الامبريالية ومؤسساتها المالية "يحترم" العطلة؟!
وهل عاملات وعمال سيكوم سيكوميك بمكناس وباقي الكادحين في المعامل والحقول كانوا في عطلة؟! إن تشريد العاملات والعمال بمكناس جريمة بشعة تُسائل الجميع. فكيف "تحلى" العطلة والعاملات والعمال في محنة؟!
بدورها، هل عائلة الشهيد ياسين شبلي بمدينة بنجرير في عطلة؟!
هل ضحايا زلزال الحوز في عطلة؟!
هل العطشى بشتى المناطق، وخاصة المناطق المنسية في عطلة؟!
هل الاستغلال والاضطهاد يعرف العطلة؟!
هل نهب خيرات بلادنا، طولا وعرضا، في عطلة؟!
هل العطلة ستلغي طبخة "إصلاح أنظمة التقاعد" المؤجلة؟!
وهل توقفت الاعتقالات والمحاكمات الصورية أو أُفرغت السجون من المعتقلين السياسيين؟!
وهل كانت عائلات المعتقلين السياسيين في عطلة؟!
وهل أُعلنت الحقيقة بشأن العديد من القضايا المتعلقة بالاختفاء القسري والمصير المجهول؟!
الحديث عن الدخول المدرسي أمر مسلّم به، لأنه يهم التلاميذ في عطلة بالفعل. لكن رغم ذلك، أي دخول مدرسي بالنسبة لبنات وأبناء عاملات وعمال سيكوم سيكوميك بمكناس وباقي بنات وأبناء الجماهير الشعبية المفقرة؟!
أما عادة الدخول الاجتماعي السيئة، فتكريس لتقاليد ليبرالية بورجوازية تُفرغ النضال من مضامينه الكفاحية، وتُسوِّق الهُدنة مع النظام القائم من موقع الانبطاح والتزام "السِّلم الاجتماعي"...
وحتى الحديث عما يسمى بالدخول المدرسي، فيستدعي الاستعداد لخوض المعارك تلو الأخرى. ومنها ما يتعلق بمطالب الشغيلة التعليمية المعلقة وكذلك الدفاع عن المدرسة والوظيفة العموميتين، بما في ذلك التصدي لمخطط التعاقد، هذه المعركة الأخيرة التي تهم التلاميذ وكافة الجماهير الشعبية المضطهدة. وللعلم، فهناك فُقاعات نقابية تتحدث عن دخول اجتماعي ساخن، حيث نقاش "قانون" التقاعد ومشروع ميزانية 2026، وأيضا التطبيق العملي لل"قانون" التنظيمي للإضراب...
إن النضال لا يعرف العطلة، إنه دينامية منظمة ومنتظمة في خدمة قضية شعبنا. والواجب النضالي يفرض الاستعداد المستمر للتصدي لكافة المخططات الطبقية للنظام القائم. فهذا الأخير يسهر على اختيار الظرفية الملاءمة لتمرير صفقاته وتنزيل مخططاته...
والمفارقة المُذلّة تكمُن بعض تفاصيلها في تبنّي "العطلة السياسية" زمن "القحط السياسي"، وخرق هذا التقليد البئيس عبر الانخراط بحماس في اللعبة "الديمقراطية"، أي مسلسل الانتخابات، عش الريع والتضليل وامتصاص دم الكادحين...
فكيف تضع القوى السياسية التي تدعي خدمة قضايا الشعب، ونقصد هنا حزبي الاشتراكي الموحد وفدرالية اليسار الديمقراطي، يدها بيد النظام الذي يقهر الشعب ويضطهده وتجتهد من أجل تسويق الوهم للجماهير الشعبية المضطهدة؟!
هل ترفض رفضا قاطعا إشراف وزارة الداخلية على مجريات اللعبة؟!
هل ستتشبث برفض التطبيع مع الكيان الصهيوني كشرط لخوض اللعبة "الديمقراطية"؟!
هل ستتشبث بإطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين في إطار ما يسمى ب"تنقية الأجواء"؟!
هل ستشترط إيجاد حل منصف وعادل لقضية عاملات وعمال سيكوم سيكوميك بمكناس، وباقي القضايا العادلة وضمنها قضية الحقيقة وعدم الإفلات من العقاب بالنسبة للشهيد ياسين شبلي؟!
هل ستقاطع اللعبة "الديمقراطية" في حال عدم الاستجابة لهذه المطالب والاشتراطات؟!
تفسير الواضحات من المفضحات، ستكون المشاركة شئنا أم أبينا، كما كان الأمر إبان ما كان يسمى من طرف البعض ب"الأحزاب الوطنية الديمقراطية"، والمقصود حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وحزب التقدم والاشتراكية ومنظمة العمل الديمقراطي الشعبي (سابقا)، وحتى حزب الاستقلال...
باختصار إن المشاركة ابتعاد مفضوح عن الشعارات المرفوعة، ومن بينها شعار مناهضة التطبيع. إن المشاركة تواطؤ مكشوف مع النظام القائم وأزلامه...
إن من بين أخطائنا، التصدي المتأخر لإجرام النظام القائم والسقوط في الارتجال والعشوائية، وفي كل المجالات. ويعود ذلك بدون شك إلى غياب التنظيم الثوري وكذلك البرنامج الثوري كبوصلة لفعلنا السياسي والنقابي، بالإضافة الى تكالب القوى السياسية المتخاذلة والقيادات النقابية البيروقراطية...
فمن جهة، لن يستطيع المناضل الفرد أن يواجه لوحده أو حتى إلى جانب مجموعة محدودة من المناضلين كل الجبهات المفتوحة؛ ومن جهة أخرى، فمن بين أدوار التنظيم الذي يسعى الى حسم السلطة استباق الأحداث ومواكبتها ووضع البرامج وضبط المهام والتنسيق والسهر بمسؤولية على آليات المحاسبة والنقد والنقد الذاتي، بعيدا عن التسيب والمزاجية...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق