الاحتجاج بدون قيادة ثورية: أفقٌ محدود وعمرٌ قصير...
من واجب المناضل الثوري أن ينخرط في كافة أشكال الاحتجاج التي تفجرها الجماهير الشعبية المضطهدة، وخاصة الطبقة العاملة، ببوصلة واضحة مستحضرا "لا ممارسة ثورية بدون نظرية ثورية". ودوره لا يقف عند حدود الانخراط أو المتابعة، سواء الميدانية أو الإعلامية، بل يتعدى الأمر ذلك إلى مستوى التأطير والتنظيم. وحشد الدعم والتضامن، خاصة في صفوف العمال...
ولأن المناضل الثوري الفرد لن يستطيع أن ينجز هذا الدور بالكامل وعلى أحسن وجه وباستمرار في خضم طاحونة الصراع الطبقي، فإنه معنيٌّ بمهمة بناء الحزب الثوري الى جانب العامل والفلاح الفقير. فبدون التنظيم الثوري، سنبقى تائهين في دوامة "الصعود ثم الهبوط"، وهكذا دواليك (صور سيزيفية كاريكاتورية). ولنا دروس قيمة في العديد من التجارب النضالية داخل المغرب وخارجه. فلنتعلم من الواقع المرير بإعمال التحليل العلمي، أي التحليل الملموس للواقع الملموس. وكما قال الرفيق ماو تسي تونغ، من أين تأتي الأفكار السديدة؟ فأجاب، من الممارسة السديدة...
وحتى لا نغوص كثيرا في تجارب الماضي، يكفي أن نستحضر الاحتجاجات التي تفجّرت ببلادنا إثر الانتفاضة الشعبية ليوم 20 فبراير 2011. فتعتبر هذه الأخيرة من ضمن المحطات النضالية القوية لشعبنا، لكنها لم تحقق الأهداف المرجوة منها؛ وذلك بسبب غياب الحزب الثوري، وأيضا تكالب القوى السياسية المتخاذلة، ومن بينها القوى الظلامية، وتواطؤ القيادات النقابية البيروقراطية. وليس ذلك فقط، أين الانتفاضات الشعبية والاحتجاجات بعد ذلك وقبله و"الحراكات"، تازة والخنيشات وجرادة والحسيمة وصفرو (فلاحو الواتة) وأزيلال (أيت بوگماز)...؟!
إنها أسئلة تفرض نفسها، ولا "نعشق" طرحها جلدا للذات أو من باب التيئيس...
واليوم، لا يكاد "ينطفئ" احتجاج، حتى يشتعل آخر. علما أن الثمن يكون دائما باهظا، فإلى جانب الاعتقالات والمحاكمات...، يسود الانتقام والمزيد من التهميش؛ بدل إيحاد الحلول الناجعة، أو على الأقل احترام الوعود والشعارات (الدولة الاجتماعية، التنمية، الديمقراطية، حقوق الإنسان...). إن إجرام النظام القائم بدوره لا ينتهي، وهناك احتجاجات فردية وجماعية لا تتوقف، وعلى رأسها معركة عاملات وعمال سيكوم سيكوميك بمكناس. هذه الأخيرة التي تفضح "عجزنا" كمناضلين أفراد، رغم صدقنا وصدقيتنا ورغم كل المجهودات المبذولة من طرف العديد من الرفاق، سواء بمكناس أو بعيدا عنه. فأينما "ولّيت وجهك" تجد معركة أو معارك واحتجاجات فردية وجماعية؛ ناهيك عن النضالات المستمرة للمعتقلين السياسيين وعائلاتهم وللمعطلين بمختلف المناطق...
وكأمثلة حية، نشير الى المسيرة التي انطلقت البارحة من أكمير أيت عباس في تجاه أزيلال، احتجاجا على اعتقال مشاركين في الاحتجاج من أجل تحقيق مطالب اجتماعية بسيطة.
لكن، كثيرا ما تصير هذه التضحيات لقمةً سائغة في أفواه المتربِّصين والانتهازيين وأرضيةً للتوظيف من طرف النظام القائم والقوى السياسية، خاصة إبان التحضير للانتخابات الجماعية أو التشريعية...
ومرة أخرى، لينتظم الماركسيون اللينينيون المغارية؛ فلم يعُد مسموحا بافتعال الأعذار أو الاختباء وراء الاتهامات والاتهامات المضادة. إن قضية شعبنا وفي مقدمته الطبقة العاملة لا تحتمل التفاهات والصراعات الهامشية...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق