الحلقة المفقودة في سلسلة نضال شعبنا...
نعيش في الآونة الأخيرة، بل دائماً وبدون مبالغة، غليانا بجُلّ القطاعات الإنتاجية. قد تختلف مؤشرات القياس بسبب قوة أو ضعف التغطية الإعلامية وكذلك مستجدات كل ظرفية سياسية. أما التضحيات، فمتواصلة ومتنوِّعة؛ من معاناة التشريد والتضييق إلى محنة الاعتقال وحتى الاغتيال وأيضا القتل المحْمي الذي يطال العاملات الزراعيات والعمال الزراعيين بمنطقة اكادير واشتوكة ايت باها وغيرها...
والآن فقط، تخوض شغيلة الجماعات الترابية إضرابا لمدة 48 ساعة (23 و24 شتنبر 2025)؛ وتخوض الشغيلة التعليمية إضرابا لمدة 24 ساعة (23 شتنبر 2025). وتشهد العديد من المدن والمناطق احتجاجات قوية بشأن تردي الخدمات الصحية والتعليمية والحرمان من الكهرباء والماء الصالح للشرب، بل انعدامها. ولا تتوقف فروع الجمعية الوطنية لحملة الشهادات بالمغرب وكذلك الاتحاد الوطني لطلبة المغرب بمختلف المواقع الجامعية عن تفجير المعارك تلو الأخرى. ولا يمكن أن نتجاهل المعركة البطولية المتواصلة لعاملات وعمال سيكوم سيكوميك بمكناس لمدة "مخجلة"، وكذلك الأحكام الجائرة والقاسية التي تعدم الحق في التعبير وحرية الرأي..
ليس المجال هنا لذكر كل النضالات التي يخوضها بنات وأبناء شعبنا، لأن ذلك يتطلب متابعة نضالية منظمة ومنتظمة؛ لكن ما يقفز الى العين لا يمكن تجاهله. وهنا يطرح السؤال المشروع والمؤرق: الى متى؟!!! بمعنى أكثر دقة، الى متى تستمر كفاحية الجماهير الشعبية الكادحة وتضحياتها المشهودة التي في ظل الفراغ الحالي القاتل لا يستفيد منها غير القوى السياسية الرجعية وضمنها القوى الظلامية؟!!!
لقد تعددت الأجوبة بخصوص سؤال "ما العمل؟"، ولامس الكثيرُ منها جوهر المشكل، أي بناء التنظيم الثوري. وسؤال "الى متى؟" يطرح إشكالية تنزيل الجواب عن سؤال "ما العمل؟"، أي متى نؤسس أو نتقدم في تأسيس التنظيم الثوري أمام الزخم النضالي الذي تعرفه بلادنا؟
إن سلسلة نضال شعبنا تفتقد عدة حلقات ليكتمل تحرّره وانعتاقه. ومن بين هذه الحلقات الغائبة، وبصراحة نضالية المُغيّبة، نشير الى الأحزاب السياسية المناضلة والنقابات المناضلة والجمعيات المناضلة والمثقفين المناضلين. لا يخفى أن الساحة السياسية تعُجّ بالأحزاب والنقابات والجمعيات والأقلام، لكن جُلّها يخضع ببشاعة الى الخطوط الحمراء المرسومة من طرف النظام القائم اللاوطني اللاديمقراطي اللاشعبي ويخدُم مصالحه الطبقية. وأخطر ما يُكرِّس التردّي الراهن، الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، الى جانب إجرام النظام القائم، إغراق الساحة السياسية بالاحتجاجات المُوجّهة وذات السقف المحدود جدّاً، أي المتحكّم فيها (تيليكومند). ومن بين هذه الأشكال، نذكر أشكال "التضامن" مع غزة، وليس حتى مع القضية الفلسطينية. وقد انكشف هذا الخداع، المكشوف أصلاً، عندما خرست ألسنة وشُلّت أيدي وأرجل "زعماء" الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع أمام "العُرس" الصهيوني بالصويرة يومي 19 و20 شتنبر 2025!!! ومرة أخرى، نسائل من يضع يده، بل مشروعه السياسي في سلّة القوى الظلامية ويشُدّ على الأيادي المُلطّخة بدماء الشهداء ببلادنا وخارجها، الأيادي المناصرة للعصابات الرجعية الظلامية المتصهينة بشتى مناطق العالم، ومنها سوريا...
بدون شك، سيستمرّ شعبنا وفي مقدمته الطبقة العاملة في طريقه نحو ثورته المنشودة، أي الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية، خلاصه الأكيد، رغم جراحه الغائرة وانتكاساته المتكررة وطعنات الغدر بسكاكين الأعداء و"الأصدقاء" الأعداء. لكن الحلقة الأساسية المُفتقدة الى جانب الحلقات المشار اليها المدعِّمة وكعناصر مخصِّبة للتحالفات السياسية الممكنة هي الحزب السياسي الثوري، هذا الأخير الذي بدونه سيستمرُّ التيه بدون أفق في الدوائر المغلقة؛ والأخطر سيستمر النظام الرجعي القائم في إجرامه، بما في ذلك التطبيع مع الكيان الصهيوني، وسيواصل مخططاته الطبقية المدمرة خدمة لمصالح الصهيونية والامبريالية واستنزافاً ونهباً لخيرات شعبنا المعلومة والمجهولة...
وعندما نتحدث عن الحزب الثوري الذي نعمل على النهوض به "تحت نيران العدو"، استمراراً كفاحياً ونضالياً حقيقياً وصادقاً للمنظمة الماركسية اللينينية المغربية "الى الأمام"، نعي جيِّداً أن قيادته المناضلة لابد أن تتشكّل من العامل والفلاح الفقير والمثقف الثوري، وبعيداً عن تطلعات وأوهام "مُثقفي" البورجوازية الصغيرة الانتهازيين...
إنها تحديّات نضالية تفرض نفسها اليوم وبحدّة، ومن يُغيِّبُها أو يقلِّل من أهميتها، فإنه غير معنيٍّ بمستقبل شعبنا وثورته الوطنية الديمقراطية الشعبية ذات الأفق الاشتراكي...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق