جيل "زيد" (Z): الأمس واليوم...
إذا كان المقصود بجيل "زيد" الشباب عموما الرافض للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتردية (الصحة والتعليم...) والمتطلع الى التغيير وتجاوز النمطية السياسية السائدة والانبطاح المُذل الراهن، فإن لكل مرحلة تاريخية شبابها أو جيلها ("Z" sa génération ). وحتى لا نغوص كثيرا في بحر التاريخ، نستحضر ملاحم شباب الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي وبعدهما؛ ليس فقط بالمغرب، بل عبر مختلف مناطق العالم. ومرة أخرى، ودون أن نذهب بعيدا، نتذكر جيدا انتفاضة 1968 بفرنسا ودور الشباب والطلبة خصوصا في تفجيرها. وببلادنا، عشنا تجربة بطولية تحمل عنوان الحركة الماركسية اللينينية المغربية التي شكّل الشباب قلبها النابض وعمودها الفقري، لدرجة رفع الشعار "الشبيبة التعليمية طليعة تكتيكية" (لا نناقش هنا الشعار، فقد تم تقديم نقد ذاتي بشأنه). وما يؤكد مبدئية مناضلي الماضي القريب، دون أن يحملوا لقب جيل "Z" أو "X" أو "Y" هو تضحياتهم المشهودة وارتباطهم بالقضايا العادلة للشعوب المضطهدة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية؛ أليسوا مبدعي شعار "القضية الفلسطينية قضية وطنية"؟ لقد استشهد الرفيق المناضل عبد اللطيف زروال عن سن 23 سنة، واستشهدت الرفيقة سعيدة المنبهي عن سن 25 سنة، واستشهد المناضل محمد كرينة عن سن 20 سنة، واستشهد المناضل بوبكر الدريدي عن سن 19 سنة، واستشهد المناضل عبد الرزاق الكاديري عن سن 21 سنة؛ واللائحة طويلة في صفوف الطلبة والمعطلين والعديد من بنات وأبناء شعبنا غير المحدّد سنهم وغير المعلومين (جنود الخفاء)...
إنه زمن الثورة الذي تلاقح حينه الشاب و"الشيخ" والمرأة والرجل. ولم يسبق أن عشنا ما يسمى "صراع الأجيال" في دائرة النضال والمناضلين أو التنكّر المبتذل للتضحيات الخالدة (الشهداء والمعتقلون السياسيون وضحايا القمع السياسي عموما). لقد كان المناضل ابراهام السرفاتي ورغم سنه المتقدم رمزا لكافة المناضلين، بل كان مرجعا ومدرسة ودون ذاتية أو أنانية أو أستاذية، أي ما يصطلح عليه "الشيخ والمريد" (طبعا قبل ارتداده، والحقيقة فوق كل اعتبار).
إننا لا نمجِّد أو نقدِّس الماضي و"شخصنته" في ذواتنا أو ننحاز اليه بصيغة "انصر أخاك ظالما او مظلوما..."، إن لنا من الجرأة النضالية ما يكفي لتقديم النقد الذاتي والاعتراف بالخطأ/الأخطاء، وهي كثيرة بدون شك؛ ولنا من القوة أيضا ما يكفي لمناصرة الحاضر والاعتزاز بشبابه وتقدير مؤهلاتهم واجتهاداتهم (جيل "Z" وشيوخه، أي جيل "X") في إطار التكامل النضالي ومواصلة معارك بنات وأبناء شعبنا، وفي مقدمتهم العمال والفلاحين الفقراء...
إن قوة شعبنا تتمثل في تلاحم وتعاضد بناته المخلصات وأبنائه المخلصين لخلاصه وتحرره وانعتاقه، شبابا وشيبا، نساء ورجالا. وكل من يسعى الى تعطيل هذه المعادلة يضع نفسه في خانة النظام القائم المسؤول الأول عن معاناة ومآسي شعبنا بالأمس واليوم وغدا...
فكيف في ظل إجرام النظام القائم، حيث مِحن المعتقلين السياسيين وعائلاتهم وتواصل المحاكمات الصورية ومعاناة العاملات والعمال، سيكوم سيكوميك بمكناس وناماتيكس بطنجة (...)، ونهب خيرات بلادنا برا وبحرا وجوا واستمرار "الإفلات من العقاب" بالنسبة للمتورطين في الجرائم السياسية والاقتصادية والمالية والإدارية...، نخوض حروب الهامش وتصفية الحسابات السياسوية الضيقة، ومنها "شباب/شيوخ"؟!!!
لا للمعارك الوهمية والمفتعلة، نعم للمعارك النضالية المبدئية والصادقة، من منطلق نفس الواقع ونفس المصير...
إننا نضاليا، باسم الجيلين "Z" و"X" وكل الأجيال الوهمية والحقيقية، وباسم بنات وأبناء شعبنا، شبابا وشيوخا، نساء ورجالا، وباسم قضية شعب واحدة، ندعو الى:
- رفض القوالب الجاهزة والمُعدّة من طرف النظام القائم وأزلامه والساعية الى الإلهاء وتمزيق الصفوف وتعميق الهوة بين المضطهدين، شباباً وشيوخا، نساءً ورجالا؛
- رفض تبييض سجلات القوى السياسية الانتهازية والمتورطة في خدمة النظام القائم ومخططاته الطبقية المُمْلاة من طرف المؤسسات المالية الامبريالية، وخاصة البنك العالمي وصندوق النقد الدولي؛
- رفض التعاطي العاطفي أو الانتهازي/الربحي (الريع المقيت) مع اللحظة الراهنة، حيث "انتصار" موازين القوى لأعداء شعبنا وباقي الشعوب المضطهدة ومن بينها الشعب الفلسطيني؛
- رفض أي شكل من أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني وتحت أي مبرر أو مسوغ يبرر جريمة التطبيع ويسكت عن المتورطين في التوقيع عليها، ومن بينهم أو على رأسهم القوى الظلامية؛
- رفض أي قطيعة ماكرة مع التجارب النضالية السابقة وتضحيات الماضي. وأي ادعاء للطهرانية "الجديدة" (انتهى زمن الشيوخ) لن يخدم غير ّأجندات النظام القائم؛
- رفض قتل تضحيات الماضي والاستخفاف بمبادرات الماضي بتهمة "الفشل" و"الكلاسيكية" و"العدمية" وشعارات أخرى تيئيسية؛
- رفض، بل استهجان الرقص على الحبلين أو الحبال المهترئة التي انقضى عهدها...؛
- اعتماد التحليل العلمي (التحليل الملموس للواقع الملموس)، وتقييم التجارب النضالية واعتماد دروسها وفق منهجية علمية تنتصر للحقيقة؛
- اعتماد تضحيات بنات وأبناء شعبنا أرضية صلبة للنهوض السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي، وبالتالي معانقة المستقبل السعيد لشعبنا المكافح...
إن المعارك النضالية مستمرة بسواعد العمال والفلاحين الفقراء؛
النصر لقضية شعبنا...

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق