إن الإرهاب والصهيونية شيآن متلازمان ومتكاملان أو هما معا وجهان لعملة واحدة، بحيث يشكل الإرهاب بالنسبة للحركة الصهيونية وأتباعها منهجاً وأسلوبَ عمل. إنه عقيدة نظرية وتطبيق في آن واحد.
إن المؤتمر الأول للحركة الصهيونية قد تمخّضت عنه قرارات إجراميةٌ لمنظريها، كحركة عنصرية استعمارية استيطانية توسعية وانبثقت عنه منظمات إرهابية، حيث أفتى قادة هذه الحركة الإرهابية بتطبيق نظريات الإرهابيين الكبار، من تيودور هيرتزل إلى زئيف جابوتنسكي وغولدا مائير ومائير كاهانا وغيرهم كثيرون...
لقد تم ربط الصهيونية بالعقيدة اليهودية التي تقول "إن اليهود شعب الله المختار". وكان هيرتزل يرى أن الشرط الجوهري لبلوغ أهداف الحركة هو استخدام قوة السلاح والعنف والقتل الجماعي المنظم، أي الإبادة الجماعية. وتشير هذه الكتابات إلى تطور مزدوج للطرفين الصهيوني والبلدان الذي يجب احتلالها؛ طرف صهيوني سيعتمد على السلاح والعنف والقتل الجماعي المنظم، وطرف ثاني سيكون "قطيعا من الوحوش، علاجه الوحيد هو الإبادة الجماعية"، حيث "يجب أن توجد أغلبيةٌ يهودية بفلسطين، ويجب تحقيقها ضد رغبة الأغلبية الحالية في المنطقة". إنه كلام جابوتنسكي الذي أسّس اتحادا للصهاينة التصحيحيين، وقد أضاف "إن المعيار الأخلاقي للطّرق التي يستخدمها المقاتل ينبغي الحكم عليه كليا بمقدار النفع أو الضرر الحقيقي الذي ينجم عن ممارسة هذا المقاتل"، وناشد جابوتنسكي "حملة الأخلاقية السامية" أن يدمِّروا بقبضة من حديد كل من يقاوم الصهيونية؛ حيث قال "ينبغي إمّا إنهاء الاستعمار الصهيوني أو أن يُنفّذ حتى لو كان ضد رغبات السكان الأصليين".
وقد تبع المجرم مناحيم بيغن أستاذه جابوتنسكي في تأكيد أهمية العنف والإرهاب في التاريخ بقوله "أنا أحارب إذاً أنا موجود"، و"إن قوة التقدم في تاريخ العالم ليست بالسلام بل بالسيف"، وهو من أكبر الإرهابيين، تنظيراً وممارسةً، منذ تزعُّمه المنظمة الإرهابية الارغون التي تحولت فيما بعد إلى حزب حيروت حتى استقالته عام 1948 بعد فشل غزو لبنان.
إن السيف بالنسبة للإرهابيين الصهاينة هو رمز القوة والعنف. إذن هذا التصور، لم يكُن من الممكن تحويله إلى واقع دون اللجوء إلى العنف والإرهاب المنظم والدمار والقتل المُمنهج والتهجير ضد الفلسطينيين في "أرض الميعاد"، فالإرهاب كان سلاحا أساسيا ومباشرا في تدمير فلسطين وتهجير السكان الأصليين...
إن الصهاينة منشغلون بتصوراتهم المثالية عن "الدولة اليهودية" و"شعب الله المختار"، ويشكل إنشاء الكيان الصهيوني على أرض فلسطين بمساعدة الدول الاستعمارية قمة الإرهاب والتجسيد الفعلي للاستيطان والاغتصاب، حيث يذهب الإرهاب الصهيوني إلى ما هو أوسع وأشمل من محاولة قتل شعب وتهويد فلسطين إلى جريمة السطو التاريخي على تراث هذا الشعب ومحو/اجتثاث تاريخه.
إن توقيع اتفاقية كامب ديفيد السيئة الذكر مع النظام المصري العميل، وكذلك اتفاقية أوسلو المشؤومة مع حركة فتح بقيادة عرفات واتفاقية وادي عربة مع النظام الأردني العميل وجرّ أكثرية الأنظمة الرجعية العميلة إلى مستنقع التطبيع بشكل مباشر ومفضوح في العلن و...، لم يترك مجالا غير التنفيذ العملي لهذه السياسات الصهيونية عمليا، وهي التي حقّق من خلالها العدو الصهيوني خطوات كبيرة في مشروعه القائم على أنهار الدم الفلسطيني...
هذا، ومن بين الركائز التي يعمل عليها الكيان الصهيوني بتواطؤ الأنظمة الرجعية والامبريالية تعبئة القوى الصهيونية الموجودة في فلسطين لتكون قوى مقاتلة وقوى منتجة اقتصاديا في سبيل تهويد كل فلسطين وطرد السكان الأصليين، أي الفلسطينيين، وحشد القوى الصهيونية في العالم لتأييد المخطط الصهيوني الإجرامي...
وتندرج في هذا الإطار الهجرة وجمع المعونات الاقتصادية وتوفير المساندة السياسية بما في ذلك الضغط السياسي والإعلامي والمالي وتطوير علاقات التحالف الاستراتيجي مع الولايات المتحدة الأمريكية وتطوير التعاون مع دول العالم من خلال تبادل خدمات أمنية واقتصادية وسياسية، وبالتالي العمل على تفتيت المنطقة وإثارة أوسع النزاعات وتقسيمها إلى دويلات وخلق عصابات إرهابية تابعة لها ودعمها وتوجيهها. و لعل كل التنظيمات الإرهابية من القاعدة والدولة الإسلامية وداعش وجماعة نصرة الإسلام والمسلمين وجماعة أهل السنة للدعوة والجهاد وهيئة تحرير الشام واللائحة طويلة، كلها تنظيمات إجرامية تتحرك وتنشط تحت توجيهات الموساد و إ. ف. أي... لقد مزقوا وأحرقوا ودمروا وقتلوا وهجّروا شعوبا بأكملها، من ليبيا واليمن والعراق وسوريا واللائحة طويلة أيضا. زِد على ذلك التنسيق والتوجيه ومنح الأراضي السورية للكيان الصهيوني بشكل مباشر، وإن ذلك لدليل قاطع على ارتباط هاته التنظيمات الإرهابية بالكيان الصهيوني وعرابيه...
إن القبول بالحوار مع العدو الصهيوني بشكل مباشر يخدم التطبيع معه والاستسلام أمامه، ويتساوى في ذلك كل الذين يتحاورون سواء الذين يتعاملون مع الكيان الصهيوني أو مع حركات واتجاهات مجرمة، كالتي تحمل أسماء مختلفة وتدّعي الديمقراطية والسلام وحملة لافتات مختلفة، ويعتبر خيانةً لدماء وتاريخ الشعب الفلسطيني الذي ناضل ويناضل من أجل تحرير بلاده من النهر إلى البحر، وبالتالي فإن أولئك المتحاورين يسلمون مسبقا ببقاء الكيان الصهيوني وضياع حق الشعب الفلسطيني في كامل ترابه.
إن مخطط ما يسمى "الشرق الأوسط الجديد" والذي اتخذ من الاقتصاد مدخلا لنظام سياسي أمني اقتصادي يشكل الامتداد الإقليمي للامبريالية بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية ويكون فيها الكيان الصهيوني القلب النابض، بما توفره لها من غطاء ودعم سياسي ومالي واقتصادي وتكنلوجي، هذا المخطط الذي يأتي ضمن ثوابت الاستراتيجية الامبريالية التي تخوص حرب التغلغل والسيطرة على جُلّ مناطق العالم، بما فيها الشرق الأوسط بأساليب مختلفة، أوّلها ضمان أمن وتفوُّق الكيان الصهيوني نوعيا بفضل المساعدات الاقتصادية والسياسية والعسكرية التي قدمتها وتقدمها الولايات المتحدة الأمريكية بالخصوص؛ زد على ذلك ضمان التدفق الحر لنفط الشرق الأوسط...
إن كل هذه الأهداف تأتي ضمن مطامع وتطلعات الحركة الصهيونية، وكلّها تطلعات للسيطرة على كل ثروات المنطقة وخيراتها ومصادرة الموارد الطبيعة وطاقاتها البشرية وتسخيرها خدمة لأهدافها العنصرية الاستعمارية التوسعية الاستيطانية...
وتوقيع اتفاق شرم الشيخ أو ما يسمى ب"خطة ترامب لوقف إطلاق النار" طعنة أخرى في ظهر القضية الفلسطينية، إنها طعنة بمساهمة أيادي "ذوي القربى"، وإنها "لأشد مضاضة من السيف المُهنّد"...
ويكفي هنا أن نسجل فقرة من بيان الحزب الشيوعي الفلسطيني، وهي مطلع البيان "يا جماهير شعبنا المناضل
ما يسوق باسم "خطة ترامب لوقف إطلاق النار" ليس حلا ولا مبادرة سلام، بل مشروع امبريالي يهدف الى تصفية القضية الفلسطينية وشرعنة المذابح ضد شعبنا في غزة والضفة والقدس. محاولات ترويج هذه الخطة ك"تسوية" ما هي إلا إعلان إبادة منظم يراد منه إخضاع شعبنا وتثبيت الاحتلال بغطاء ديبلوماسي واقتصادي..."!!!
ونضيف من جانبنا، إن من يحتفل بالهزيمة/المؤامرة، وخاصة القوى الظلامية، ويُسوِّقها انتصاراً ليس غير مطبِّعٍ و"يجتهد" لتكريس التطبيع وتوسيع مجالاته عبر نزع سلاح المقاومة...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق