مسؤوليتنا: تعميق الوعي الطبقي في صفوف العمال...
تعرف الساحة السياسية ببلادنا تحوّلات متسارعة، جعلت وتيرتُها جلّ المناضلين غير مواكبين لها، لدرجة السقوط في الارتباك والتيه. وإنه الأمر الذي يفرض على المناضلين حقّا ليس فقط التشبث ببوصلتهم ومواقفهم، بل تطوير آليات اشتغالهم وأشكال النضال المنظمة والمنتظمة في صفوف أوسع الجماهير الشعبية، وخاصة العمال والفلاحين الفقراء، على ضوء المستجدات الحاصلة بالميدان وبالعالم الافتراضي، وطنيا ودوليا. إن التحولات الراهنة تخدم النظام القائم من خلال تحكّمه في مساراتها ترهيبا وترغيبا، واستغلاله للضعف الذي تعانيه الحركة المناضلة، خاصة ومساهمة جل القوى السياسية والقيادات النقابية في تنزيل مخططاته ومشاريعه الطبقية.
إن استمرار الارتباك والتيه في صفوف المناضلين أو "الارتياح" لهذه الوضعية الكارثية سيُفاقمان ضعف الحركة المناضلة ويعمق الهوة بينها وبين المعنيين بالتغيير الجذري. إن التخلف عن دينامية الصراع الطبقي يقلص فرص النهوض والتصدي للهجوم الطبقي للنظام الرجعي القائم. ومن بين مؤشرات هذا التخلف عجزنا عن رفع إيقاع الأشكال النضالية التي يفجرها العمال في ظل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المزرية، مثال عاملات وعمال سيكوم بمكناس، وهي المعركة (اعتصام بالشارع لما يفوق 15 شهرا) التي فضحت كل المتخاذلين والانتهازيين من قوى سياسية وقيادات نقابية بيروقراطية...
وفيما يلي فقرة من عمل سابق في 24 دجنبر 2013 لتيارنا السياسي المناضل، تيار البديل الجذري المغربي (CARAM)، بعنوان "مسؤوليتنا: تعميق الوعي الطبقي في صفوف العمال"، وتكمن راهنيته في كونه دقّ/يدُقّ ناقوس الخطر ويشكل أرضية للانخراط في دينامية نضالية جديدة ومتجدِّدة من أجل رفع التحدي خدمة لقضية شعبنا، وفي مقدمته الطبقة العاملة:
"إن القيادات النقابية، عندما يحتد الصراع الطبقي وتتشبث القواعد العمالية بمطالبها وتبدي استعدادها للصمود والمقاومة ضد الباطرونا، تتخلف بدون خجل عن الموعد غير الآتي. وكم مرة أجرت الصفقات لمصلحتها الخاصة وراء ظهر العمال وخلف الاعتصامات البطولية... مما رسخ لدى القواعد العمالية فقدان الثقة في القيادات السياسية والنقابية وفي المناضلين الحقيقيين وفي العمل السياسي والنقابي برمته. إن مهمة إعادة الثقة للعمل النقابي تتطلب نضالا جذريا يقتلع جذور الانتهازية وجذور الوعي الزائف والمتعفن وغرس جذور وعي طبقي على جميع المستويات، سياسيا واقتصاديا وإيديولوجيا.
وهذا لن يتأتى إلا بقيادة المناضلين لمعارك العمال وربط النضال الاقتصادي بالنضال السياسي.
إن احتلال هذه المواقع لن يتحقق بين عشية وضحاها، إنه كفاح مسيرة ألف قدم وألف ميل. فكلما انتصب الهدف دقيقا وواضحا أمام أعيننا، كلما صغنا برنامجا واضح المعالم وأنتجنا آليات الوصول إليه. إن الخطوات الأولية تستدعي دراسة عميقة حول التطورات الشاملة من كل جوانب التطورات الاقتصادية والاجتماعية التي تعرفها بلادنا. فأي بؤرة استغلالية نشأت في البحر أو البر ستفرز معها حتما قاعدة عمالية لاستغلالها واضطهادها من طرف مالك العمل. وأي توسع للإنتاج سيزيد من توسيع القاعدة العمالية، والدراسة المطلوبة يجب أن تستند على إحصائيات دقيقة وفق الإمكانيات المتاحة ومن كل جوانب التطورات السياسية والنقابية التي تعرفها الطبقة العاملة من اعتصامات وإضرابات واحتجاجات في كل مواقع تواجدها، بالإضافة إلى الأطراف السياسية التي تحبك المؤامرات على حساب هذه النضالات، إن على المستوى القيادي للنقابة في إطار توزيع المقاعد بشكل يضمن وللأبد استمرارية نفس الخط البيروقراطي بنفس القيادة المتهالكة أو على المستوى السياسي في إطار العلاقة الانبطاحية للمخططات الرجعية التي يرسمها لها النظام.
لقد آن الأوان لوقف هذا النزيف وانتشال الإطارات العمالية الجماهيرية من براثين القوى الإصلاحية؛
لقد آن الأوان لتنظيم النضالات من داخل هذه النقابات والعمل بجدية على توحيدها في إطار جبهة نضالية موحدة كممثل شرعي ووحيد للشغيلة كخطوة أولية ضد الرأسماليين لتحقيق مطالبها الآنية واليومية؛
لقد آن الأوان لتعميق الوعي الاشتراكي في صفوف العمال. وبحكم موقعهم الطبقي، فهم دائما في صراع سياسي واقتصادي وإيديولوجي ضد مالكي وسائل الإنتاج.
هذا الصراع/النضال الذي سيقترن لا محالة بالنضال السياسي الضاري ضد القوى السياسية في البلاد التي لن تخدم مصلحتها الوحدة العمالية. وهذا النضال يجب أن يقترن كذلك بالدفاع المستميت على المطالب المادية والديمقراطية للطبقة العاملة. ولن نتقدم في هذا المسعى إلا عندما نقف جنبا إلى جنب مع العمال الصناعيين والعمال الزراعيين في إضراباتهم اليومية وفي معاناتهم القاسية ضد أرباب العمل وعندما تنصهر جلدتنا لنصبح بروليتاريا حقيقية بمعانقة يوميات العمال الضاربة في عمق الجراح والمآسي وتتربى مع المخاطر اليومية للعامل المغربي التي تفوق معدل مخاطر البروليتاريا دوليا. وإن المأساة القريبة منا في منجم بووازار بوارززات التابع للهولديغ أونا لخير دليل على ذلك. إن المناضلين من هذه الطينة هم وحدهم القادرون على تعميق الوعي الطبقي لدى العمال، هم وحدهم القادرون على تعليم العمال النظرية العلمية، الماركسية اللينينية، الخط الإيديولوجي والسياسي لسحق خطوط الردة والانتظارية بعيدا عن الشعارات والمفاهيم النصوصية الاستهلاكية، حينها تكون عملية تأسيس الحلقات الثورية العمالية، خلايا الظل، قريبة المنال.
وعندما يصبح المناضل بروليتاريا فعليا بممارسته السياسية والميدانية ستعلمه البروليتاريا معاني الصمود والكفاح، ومن تم سنلقن دروسا في السياسة والنضال لمن يعتبر المناضلين الجذريين بورجوازيين صغارا أو يسراويين ومغامرين...
لقد آن الأوان لنتصدر مواقع دفاع وهجوم الجماهير الشعبية أينما حلت وارتحلت. إنه التحدي النضالي الذي يجب أن يؤرق المناضلين الحقيقيين...
تيار البديل الجذري المغربي CARAM".

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق