صفحتنا على الفيسبوك

السبت، 6 ديسمبر 2025

الرئيسية أهمية التوحيد وضرورة التجميع والتنظيم…

أهمية التوحيد وضرورة التجميع والتنظيم…

 


أهمية التوحيد وضرورة التجميع والتنظيم…


إن من بين عيوبنا أو نقط ضعفنا رفع الشعارات وترديدها فقط، ونادرا ما نشتغل على إيجاد الصيغ العملية لتنزيلها على أرض الواقع. وتعتبر هذه المعضلة من بين أسباب تخلف ممارستنا السياسية والتنظيمية. بدون شك، التحدي الكبير هو الميدان؛ وما يقتل أو على الأقل يسيء للنظرية هو "التغني" بها وتحنيطها. ومن بين الشعارات البراقة والمريحة التي "يتغنى" بها الكثيرون نذكر "التوحيد" و"التجميع" و"التنظيم"...

إن المناضل الثوري معنيّ بربط النظرية بالممارسة على قاعدة التحليل الملموس للواقع الملموس ومن خلال برنامج عملي وآليات تواصلية مضبوطة ومتطورة...

وفيما يلي فقرة من كتاب لينين "ما العمل" (فبراير 1902)، الفصل الخامس بعنوان ""مشروع" جريدة سياسية لعامة روسيا":

"يتحدث الجميع الآن دون استثناء عن أهمية التوحيد وعن ضرورة «التجميع والتنظيم»، ولكن ليس هناك في معظم الحالات أي فكرة واضحة عن كيفية الشروع بقضية التوحيد وكيفية تحقيقها. ويوافق الجميع دون شك على أننا إذا ما «وحدنا»، مثلا، حلقات الأحياء المختلفة في مدينة، فإن ذلك يتطلب مؤسسات عامة، أي أنه لا يتطلب عنوانا مشتركا وحسب، هو اسم «الاتحاد»، بل يتطلب أيضا العمل المشترك حقا، وتبادل المواد والخبرة والقوى وتوزيع الوظائف لا على أساس الأحياء وحسب، بل أيضا على أساس جميع نواحي النشاط في المدينة. ولا يشك أحد في أن الجهاز السري الكبير لا يفي بتكاليفه (إذا جاز استعمال هذا التعبير التجاري) إذا اقتصرت «موارده» (المادية والبشرية طبعا) على حي واحد، وأن مواهب اختصاصي لا يمكنها أن تزدهر في مثل هذا الصعيد الضيق. ولكن الأمر لا يختلف فيما يتصل بتوحيد مختلف المدن، لأن تاريخ حركتنا الاشتراكية-الديموقراطية قد أظهر ويظهر أن صعيد المنطقة المحدودة ضيق جدا: وقد برهنا على ذلك بالتفصيل فيما تقدم بمثال التحريض السياسي والعمل التنظيمي. يجب، يجب بالضرورة ويجب قبل كل شيء آخر، توسيع هذا الصعيد يجب إيجاد الصلة الفعلية بين المدن على أساس العمل المشترك المنظم، لأن التبعثر يضغط على الناس الذين «يجلسون كأنهم في قبو» (كما جاء في رسالة إلى «إيسكرا») ولا يعرفون ماذا يجري في العالم، لا يعرفون على من ينبغي لهم أن يتتلمذوا ولا يدرون كيف يحصلون على التجربة وكيف يروون ظمأهم إلى النشاط الواسع. وأني أؤكد بإصرار أن الشروع بإيجاد هذه الصلة الفعلية لا يمكن إلا على أساس الجريدة العامة بوصفها العمل الوحيد المنتظم على نطاق روسيا كلها، العمل الذي يلخص نتائج النشاط في شتى ميادينه، ويدفع الناس بذلك إلى مواصلة السير إلى الأمام دون كلل في جميع الطرق العديدة المفضية إلى الثورة، كما تفضي جميع الطرق إلى الطاحون. إذا كانت رغبتنا في التوحيد لا تقف عند حد القول، فينبغي لكل حلقة محلية أن تفرز على الفور جزءا من قواها، ولنقل الربع، للعمل النشيط في القضية العامة. وعندئذ تدلها الجريدة(3) فورا على المظهر العام وعلى مدى العمل وطابعه، وتبين لها النواقص التي تبرز أكثر من غيرها في النشاط الروسي العام، وتبين لها الأماكن التي ينعدم فيها التحريض وتضعف فيها الصلات، وتدلها على براغي الجهاز العام الهائل التي تستطيع هذه الحلقة أن تصلحها أو تستعيض عنها بأصلح منها. ويصبح في وسع الحلقة التي تبحث عن عمل، دون أن يكون قد سبق لها أن اشتركت في عمل، البدء لا بصفة حرفي في ورشة صغيرة منعزلة لا يعرف التاريخ الذي اجتازته «الصناعة» قبله ولا الحالة العامة لأساليب الإنتاج الصناعية المعنية، بل بصفة مشترك في مشروع كبير يتجلى فيه الاندفاع الثوري العام ضد الحكم المطلق. وبمقدار ما يكون كل برغي متقنا وبمقدار ما يزداد العاملون في كل جزء من أجزاء العمل العام، تزداد شبكتنا كثافة ويقل الاضطراب الذي تحدثه في صفوفنا العامة الاعتقالات المحتومة.

إن توزيع الجريدة بحد ذاته يبدأ بإنشاء الصلة الفعلية (إذا كانت الجريدة تستحق اسم الجريدة، أي إذا كانت تصدر بصورة منتظمة لا مرة في الشهر كما تصدر المجلات الكبيرة، بل أربع مرات في الشهر تقريبا). إن الاتصالات بين المدن اليوم لحاجات العمل الثوري هي أمر ناذر جدا، وهي على كل حال شذوذ على القاعدة؛ وعندئذ تصبح هذه الصلات هي القاعدة وتضمن طبعا لا توزيع الجريدة فقط، بل (وهو أمر أهم بكثير) تبادل الخبرة والمواد والقوى والموارد. عندئذ يتسع نطاق العمل التنظيمي اتساعا كبيرا على الفور، ويصبح النجاح في منطقة ما مشجعا دائما على تحسين العمل باستمرار وعلى الرغبة في الاستفادة من الخبرة التي اكتسبها الرفاق في زاوية من زوايا البلاد. عندئذ يصبح العمل المحلي أكثر غنى وتشعبا بكثير مما هو عليه الآن؛ والتشهير السياسي والاقتصادي الذي يُجمع في كل أنحاء روسيا يقدم الغداء العقلي للعمال في جميع المهن وعلى اختلاف درجات التطور ويقدم المادة والمناسبة لمحادثات وقراءات في مختلف المسائل تساهم في إثارتها تلميحات الجرائد العلنية والأحاديث في المجتمع والبلاغات الحكومية «المحتشمة». عندئذ تقدر كل فورة وكل مظاهرة وتبحث من جميع الوجوه في جميع أنحاء روسيا، مثيرة الرغبة في عدم التأخر عن الآخرين وفي العمل بشكل يفضل عمل الآخرين –(ونحن الاشتراكيين لا نرفض البتة كل مباراة وكل «منافسة« بوجه عام!)، وفي التحضير بوعي لما جرى في المرة الأولى بشكل عفوي، وفي الاستفادة من الظروف الملائمة في هذا المكان أو هذه اللحظة لتغيير مشروع الهجوم، الخ.. وفي الوقت نفسه لا يفضي هذا الانتعاش الذي يدب في العمل المحلي إلى اعتصار جميع الجهود على غرار ما يفعل يائس «محتضر»، وإلى حشد جميع القوى، كما يحدث عادة الآن لدى كل مظاهرة أو كل عدد من أعداد الجريدة المحلية: فمن جهة، تجابه الشرطة عقبات أكبر جدا في الوصول إلى «الجذور» ما دامت لا تدري في أية ناحية ينبغي لها أن تبحث عنها؛ ومن جهة أخرى، يعلم العمل العام المنتظم المناضلين كيف يلائمون بين قوة هجوم معين والحالة المعينة لقوى هذه الفصيلة أو تلك من فصائل الجيش العام (الأمر الذي لا يفكر فيه الآن أحد تقريبا، لأن تسعة أعشار الهجمات تشن بصورة عفوية) ويسهل «نقل» المطبوعات، بل القوى الثورية أيضا، من مكان إلى آخر.

هذه القوى تستنزف اليوم، في معظم الحال، دماءها على صعيد العمل المحلي الضيق، ولكن عندئذ تظهر الإمكانيات والمناسبات الدائمة لنقل محرض أو منظم يظهر شيئا من الكفاءة، من طرف البلاد إلى طرفها الآخر. فالمناضل إذ يبدأ بمرحلة صغيرة في شؤون الحزب وعلى حساب الحزب يعتاد العيش بصفة تامة على نفقة الحزب ويصبح من الثوريين المحترفين ويخلق من نفسه قائدا سياسيا حقا.

وإذا ما استطعنا فعلا أن نجعل اللجان والجماعات والحلقات المحلية جميعا أو بعضها أو معظمها تشترك اشتراكا نشيطا في العمل العام يصبح بإمكاننا أن نصدر في المستقبل القريب جريدة أسبوعية توزع بصورة منتظمة في جميع أنحاء روسيا بعشرات الألوف من النسخ. وتصبح هذه الجريدة جزءا من منفاخ حدادة هائل ينفخ في كل شرارات النضال الطبقي والسخط الشعبي ويجعل منها حريقا عاما. وحول هذا العمل الذي هو بريء جدا وصغير جدا بحد ذاته، ولكنه منتظم وعام بكل معاني الكلمة، يتعبأ بصورة منتظمة ويتعلم جيش دائم من مناضلين مجربين. ولن يمضي طويل وقت حتى ينهض على سقالات ودعائم هذا التنظيم العام الجاري بناؤه، من بين ثوريينا اشتراكيون-ديموقراطيون من طراز جيليابوف ومن بين عمالنا الروس رجال من طراز بيبل يقفون على رأس الجيش المعبأ ويستنهضون الشعب كله للاقتصاص من وصمة العار واللعنة الجاثمتين على صدر روسيا.

هذا ما ينبغي لنا أن نحلم به!"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

C.A.RA.M. يتم التشغيل بواسطة Blogger.